السؤال
أنا زوجة ثانية، ووافقت على هذا الزواج من أجل أن يكون لي سند في هذه الدنيا، وأنا امرأة عاملة، لكن زوجي لم ينفق علي مليما واحدا، كل ما عنده لزوجته الأولى، وأنا أخجل أن أطلب منه أي شيء حتى في الهدايا يفضلها علي، وهو يعتقد أن معي مرتبا وأصرف على نفسي، ولكن في الحقيقة كل مرتبي لأولادي الذين في التعليم؛ لأن زوجي الأول لا ينفق عليهم، وأنا التي أقوم بتعليمهم، وكسوتهم.
فهل من حق زوجي الثاني ألا يصرف علي ولا مليما ولا أي شيء لا مأكل، ولا ملبس، ولا مشرب بسبب مرتبي الضئيل؟
ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 69148 وما أحيل عليه فيها، أن نفقة الزوجة تجب حتى مع استغنائها بمالها. فسواء كان راتبك يذهب إلى أولادك أم يبقى لك، فهذا لا يسقط وجوب إنفاق زوجك عليك.
وأما تفضيله لزوجته الأخرى، فإن كان هذا التفضيل في النفقات الأساسية، فهذا لا يجوز.
أما إن كان التفضيل فيما وراء قدر الكفاية، فقد اختلف الفقهاء في ذلك، فرأى أكثرهم جواز التفضيل، وإن كان الأولى أن يساوي بينهن، وهذا هو ما رجحناه في الفتوى رقم: 185255، بينما ذهب آخرون إلى وجوب المساواة في كل شيء قدر الإمكان.
جاء في الموسوعة الفقهية: وإذا قام الزوج بالواجب من النفقة والكسوة لكل واحدة من زوجاته. فهل يجوز له بعد ذلك أن يفضل إحداهن عن الأخرى في ذلك, أم يجب عليه أن يسوي بينهن في العطاء فيما زاد على الواجب من ذلك كما وجبت عليه التسوية في أصل الواجب؟
اختلف الفقهاء في ذلك: فذهب الشافعية، والحنابلة وهو الأظهر عند المالكية إلى أن الزوج إن أقام لكل واحدة من زوجاته ما يجب لها, فلا حرج عليه أن يوسع على من شاء منهن بما شاء, ونقل ابن قدامة عن أحمد في الرجل له امرأتان قال: له أن يفضل إحداهما على الأخرى في النفقة، والشهوات، والكسوة إذا كانت الأخرى في كفاية, ويشتري لهذه أرفع من ثوب هذه، وتكون تلك في كفاية, وهذا لأن التسوية في هذا كله تشق, فلو وجب لم يمكنه القيام به إلا بحرج, فسقط وجوبه, كالتسوية في الوطء. لكنهم قالوا: إن الأولى أن يسوي الرجل بين زوجاته في ذلك, وعلل بعضهم ذلك بأنه للخروج من خلاف من أوجبه. وقال ابن نافع: يجب أن يعدل الزوج بين زوجاته فيما يعطي من ماله بعد إقامته لكل واحدة منهن ما يجب لها. ونص الحنفية على وجوب التسوية بين الزوجات في النفقة على قول من يرى أن النفقة تقدر بحسب حال الزوج, أما على قول من يرى أن النفقة تقدر بحسب حالهما، فلا تجب التسوية وهو المفتى به, فلا تجب التسوية بين الزوجات في النفقة؛ لأن إحداهما قد تكون غنية وأخرى فقيرة.
وفي فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: وأما العدل في النفقة والكسوة فهو السنة أيضا اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، فإنه كان يعدل بين أزواجه في النفقة, كما كان يعدل في القسمة مع تنازع الناس في القسم, هل كان واجبا عليه أو مستحبا له؟ وتنازعوا في العدل في النفقة هل هو واجب أو مستحب؟ ووجوبه أقوى وأشبه بالكتاب والسنة.
وقال ابن عثيمين رحمه الله: والصواب أنه يجب أن يعدل بين زوجاته في كل شيء يقدر عليه، لقوله صلى الله عليه وسلم:من كان له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل. الشرح الممتع.
والله أعلم.