الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من قال لامرأته "لو خرجتِ اعتبري نفسك طالقًا" فخرجت

السؤال

نسأل الله أن يجزيكم خيرًا على ما تقدمونه. أنا دائم الخلاف مع زوجتي، لكنني أحبها وتحبني، وفي ذات مرة حصلت بعض المواقف: الموقف الأول: كنا في فندق، فهمّت بالخروج من الغرفة، فقلت لها: "لو خرجتِ اعتبري نفسك طالقًا" فخرجت، فهل وقع الطلاق؟ مع العلم أن عندي شكًّا في وقوع الطلاق من عدمه، وعندي شك هل كان القصد المنع أم الطلاق. الموقف الثاني : زرت أنا وزوجتي مدينة من المدن، فقالت: "لو أكلت من الشيء الفلاني فأنا أحرم عليك" فوافقت على شرطها؛ من أجل أن تذهب معي إلى تلك المدينة؛ لأنها كانت رافضة، وأكلت أنا من ذلك الشيء، فهل وقع الطلاق؟ الموقف الثالث: حصلت بيننا مشاكل كبيرة بعد هذا، وذهبت لبيت أهلها، ودخلت أنا على أحد مواقع الزواج في الإنترنت للبحث عن زوجة؛ ومن أجل أن ترضى العضوات بي وبمراسلتي كتبت إنني مطلق، وتحدثت مع عضوات كثيرات، وبعضهن سألنني: منذ متى طلقت؟ فأقول: "شهرين - خمسة أشهر - سنة" مع العلم أن قصدي أني إذا توافقت مع إحداهن، فسوف أطلق زوجتي، وليس من أجل شيء، بل لأني لا أستطيع أن أفتح بيتين في نفس الوقت، ولئلا تكشف العضوة كذبي أن زوجتي معي، مع العلم أنني لم أوفق في الزواج من الموقع، وسجلت كذلك في أكثر من ثلاثة مواقع، في فترات متباعدة – شهرين، أو 6 أشهر، أو سنة - فهل وقع الطلاق؟ وهل تكرر الطلاق بتسجيلي في أكثر من موقع؟ وزوجتي معي حاليًا، وأنا في حيرة من أمري، فهل هي زوجتي أم غير ذلك؟ أفيدونا بالصواب - جزاكم الله ألف خير -.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقولك لزوجتك: "لو خرجتِ اعتبري نفسك طالقًا" يعتبر تعليقًا للطلاق على خروجها بلفظ صريح، على ما أفتى به الشيخ ابن باز - رحمه الله - فقد سئل هذا السؤال: في إحدى مشاجراتي مع زوجتي، قلت لها: اعتبري نفسك مطلقة، فهل هذا طلاق؟
فأجاب - رحمه الله -: نعم يعتبر طلاقًا.

وقد اختلف أهل العلم في حكم الطلاق المعلق على شرط، وجمهورهم على وقوع الطلاق بالحنث فيه مطلقًا، وهذا هو المفتى به عندنا، ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ومن وافقه، أن الحلف بالطلاق، وتعليقه من غير قصد إيقاعه، وإنما بقصد التأكيد، أو المنع، أو الحث، لا يقع به الطلاق، وإنما تلزم الحالف كفارة يمين إذا حنث، وانظر الفتوى رقم: 11592.

وعليه؛ فالمفتى به عندنا وقوع الطلاق بخروج زوجتك، أما على قول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - فما دمت لم تقصد وقوع الطلاق، فلم يقع، ولكن عليك كفارة يمين، والشك في قصد الطلاق لا يلتفت إليه؛ لأن الأصل بقاء النكاح، قال المجد ابن تيمية - رحمه الله -: إذا شك في الطلاق، أو في شرطه بني على يقين النكاح.

أما تعليق المرأة التحريم: فلا يترتب عليه طلاق، ولا ظهار، ولكن عليها كفارة يمين؛ لحنثها بأكلك ما علقت عليه التحريم، وراجع الفتوى رقم: 157899.

لكن إذا كنت تلفظت بتحريم زوجتك عند موافقتك على كلامها، فقد حنثت بأكلك، وترتب على حنثك ما قصدته بتحريمك من طلاق، أو ظهار، أو يمين، كما بيناه في الفتوى رقم: 14259.

وأما إخبارك بطلاق زوجتك كذبًا: فالراجح عندنا عدم وقوع الطلاق به، كما بيناه في الفتوى رقم: 23014.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني