الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أعاني من مرض الوسواس القهري ومرض البوليميا ـ شراهة الأكل العصبي ـ وأخذ العلاج النفسي منذ 12 عاما، وكنت أضر نفسي كثيرا بهذا الأكل العصبي الخارج عن إرادتي، أعرف أن ذلك سيسبب لي الأمراض ولكنني لا أستطيع الامتناع، فأحلف بالله أن أمتنع عن بعض الأطعمة لفترة، ثم أحنث ثم أحلف من جديد، أقسم بالله أنني لا أريد أن أعصي الله ولا أريد أن أضر نفسي؟ فماذا أفعل؟ وكيف أكفر عن ذلك؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما دمت مريضة بهذا المرض فليس من الصواب أن تعالجيه بالحلف، ولكن عليك أن تعالجيه بالرقية الشرعية والأدوية الطبية متوكلة على الله في ذلك، وأما الأيمان والحنث فيها: فإن كنت تحلفينها من غير قصد ولا إرادة، فلا شيء عليك فيها، وقد قال فيه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: المبتلى بالوسواس لا يقع طلاقه حتى لو تلفظ به بلسانه إذا لم يكن عن قصد، لأن هذا اللفظ باللسان يقع من الموسوس من غير قصد ولا إرادة، بل هو مغلق عليه ومكره عليه لقوة الدافع وقلة المانع، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا طلاق في إغلاق ـ فلا يقع منه طلاق إذا لم يرده إرادة حقيقية بطمأنينة، فهذا الشيء الذي يكون مرغما عليه بغير قصد ولا اختيار، فإنه لا يقع به طلاق. انتهى.

واليمين أولى في العذر من الطلاق، وانظري الفتاوى التالية أرقامها: 205183، 164941, 199345, وكلها عن يمين الموسوس.

وأما إن كانت الأيمان والحنث فيها عن قصد وإرادة، وكان ذلك بسبب الامتناع عن الأكل من بعض الأطعمة، فتنعقد الأيمان، فإذا حنثت فعليك كفارة عن كل يمين، وكفارة اليمين تكون بواحدة من هذه الأمور:
1ـ إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمين أنت وأهلك، ولذلك عدة صورمنها أن تعطي كل واحد منهم مداً من غالب قوت أهلك، ومنها أن تغديهم وتعشيهم، أو تغديهم غداءين، أو تعشيهم عشاءين.
2ـ كسوة عشرة مساكين يعطى كل واحد منهم ثوباً.
3ـ عتق رقبة عبد أو أمة، وهذه الأمور الثلاثة على التخيير، يفعل الحانث أيها شاء، فإن عجز عنها جميعًا انتقل إلى الأمر الرابع وهو:
4ـ صيام ثلاثة أيام.

وهذه الكفارة بأقسامها الأربعة مذكورة في كتاب الله تعالى، قال تعالى: لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ {المائدة:89}.

وننصح السائلة بالكف عن كثرة الحلف، كما ننصحها بألا تستسلم لوسوسة الشيطان، بل عليها أن تدفع عنها هذه الوساوس، ولا علاج لهذا الوسواس القهري بعد الاستعانة بالله أفضل من الإعراض عنه, وعدم الالتفات إليه، وللفائدة يرجى مراجعة الفتاوى التالية أرقامها: 51601، 10355، 74989.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني