السؤال
توفي جدي، وكان يقوم بزراعة أرض، وكان يصرف لها سمادًا من الجمعية الزراعية، وقد زرعها فترة، وتركها دون علم أحد من الأبناء، وبعد وفاته بعشر سنوات علم أحد الأبناء بذلك من الجمعية الزراعية، فقام بإعلام إخوته، وكلف محام بإثبات قطعة الأرض على أنها إرث لهم من أبيهم بحكم وضع اليد، وقام المحامي برفع دعوى، وإثبات ملكية الأرض للورثة، وبالفعل تم إثبات الأرض للورثة، فما حكم الدِّين؟ وهل هذا يثبت الأرض لهم؟ حيث تم إثبات نصيب كل فرد وهي صالحة للمباني، وهل هذا حلال أم حرام؟ مع العلم أنه لا يملكها أحد.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرت أن الأرض ليست لأحد، وقد كان المورث أحياها بالزراعة قبل موته، وقد حكمت المحكمة بصحة ذلك، وثبوت ملكيتها له، وإذا كان كذلك، فلا حرج على الورثة في الانتفاع بها، وهي من جملة تركة الميت، تقسم على الورثة حسب أنصبائهم في التركة، وفق ما بيناه في الفتوى رقم: 66593.
وقد دل على صحة تملك الموات بالإحياء ما رواه البخاري عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أعمر أرضًا ليست لأحد، فهو أحق.
وروى أبو داود عن سعيد بن زيد ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحيا أرضًا ميتة فهي له.
جاء في المغني لابن قدامة: الموات هي: الأرض الخراب الدارسة، وعامة فقهاء الأمصار على أن الموات يملك بالإحياء، وإن اختلفوا في شروطه، ثم قال: مسألة: من أحيا أرضًا لم تملك فهي له ـ وجملته أن الموات قسمان، أحدهما: ما لم يجر عليه ملك لأحد، ولم يوجد فيه أثر عمارة، فهذا يملك بالإحياء بغير خلاف بين القائلين بالإحياء. انتهى.
وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: وإحياء الموات أن يعمد الشخص لأرض لا يعلم تقدم ملك عليها لأحد، فيحييها بالسقي، أو الزرع، أو الغرس، أو البناء، فتصير بذلك ملكه ... إلخ.
والله أعلم.