السؤال
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته...
أنا غالباً أسمع صوتاً بعد الوضوء أو أثناء الوضوء( مع العلم أنني أعلم أن حل الوسواس هو تجاهله), ولكن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أوصانا أن لا ننصرف حتى نسمع صوتاً أو نشم ريحاً, وأنا في كثير من الأحيان أسمع الصوت( مع العلم أنه في كثير من الأحيان مع سماعي لهذا الصوت لا أشعر بأن الريح قد خرج), ولكنني أسمع الصوت وأخشى أن اكون إن لم أعد الوضوء قد عصيت رسول الله-صلى الله عليه و سلم-, وهذا الصوت قد يكون من القولون أو من الدبر من الداخل, وعندما أصلي الفجر دائماً ما أسمع صوت القرقعة في هذه المنطقة وفي كثير من الأحيان تتوقف الأصوات فهل عندها يجب أن أعيد صلاة الفجر( مع العلم أنني أعيدها وقت الظهر لعل أوضاعي تكون أحسن وقت الظهر من ناحية الأصوات أي إنها تكون أقل) فهل ما أفعله هو الصواب, وهل حقاً يمكن أن يخرج صوت من الدبر دون أن يخرج ريح؟؟ أفيدوني بالتفصيل ما الذي يجب أن أفعله؟ فأنا في لبس من أمري وقد اختلطت علي الأمور.
وجزاكم الله خيراً
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمراد النبي صلى الله عليه وسلم من قوله: حتى يسمع صوتا، أو يجد ريحا. هو أن الوضوء لا ينتقض إلا بحصول اليقين الجازم بانتقاضه.
قال الصنعاني في السبل في شرح هذا الحديث: الْمُرَادُ حُصُولُ الْيَقِينِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ الْجَلِيلُ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الْإِسْلَامِ، وَقَاعِدَةٌ جَلِيلَةٌ مِنْ قَوَاعِدِ الْفِقْهِ، وَهُوَ أَنَّهُ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْأَشْيَاءَ يُحْكَمُ بِبَقَائِهَا عَلَى أُصُولِهَا حَتَّى يَتَيَقَّنَ خِلَافَ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلشَّكِّ الطَّارِئِ عَقِبَهَا، فَمَنْ حَصَلَ لَهُ ظَنٌّ، أَوْ شَكٌّ بِأَنَّهُ أَحْدَثَ وَهُوَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ طَهَارَتِهِ، لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ حَتَّى يَحْصُلَ لَهُ الْيَقِينُ، كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ: [حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا] فَإِنَّهُ عَلَّقَهُ بِحُصُولِ مَا يُحِسُّهُ. انتهى.
فلو حصل اليقين الجازم بغير سماع الصوت، ووجدان الريح انتقضت الطهارة، ولو لم يحصل اليقين بسماع الصوت، بأن شك الشخص هل هذا الصوت صوت ريح، أو صوت اضطراب في بطنه، فإنه لا تنتقض طهارته لعدم وجود اليقين.
وإذا علمت هذا، فأعرض عن هذه الوساوس كلها، واعلم أن طهارتك لا تنتقض إلا إذا حصل لك اليقين الجازم الذي تستطيع أن تحلف عليه أنها انتقضت، وبدون هذا فالأصل بقاء الطهارة وصحتها، ولست عاصيا للنبي صلى الله عليه وسلم إذا لم تتوضأ والحال ما ذكر، ولا يلزمك أن تعيد شيئا من الصلوات التي تصليها والحال هذه.
والله أعلم.