السؤال
هل يجوز للمسافر عندما يريد أن يجمع ويقصر أن يصلي ما بين الوقتين، بمعنى لو أردت الجمع والقصر لصلاة المغرب والعشاء جمع تقديم، ومر مثلاً على أذان المغرب ساعة أو أكثر، فهل يجوز لي جمعهما وقصرهما بنية جمع التقديم؟ وهل تشترط النية للجمع بمعنى أن أنوي أن هذا جمع تقديم أو تأخير؟ وهل يجب أن أصلي الصلاتين بعد بعضهما، أي ألا يكون هناك فاصل كمدة عشر دقائق مثلاً؟ وإذا كان يجوز أن يكون هنالك فاصل، فما هي أقصى مدة له؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أراد جمع المغرب مع العشاء جمع تقديم, فلا بد من أدائهما معًا في وقت الأولى - وهي المغرب - ووقت المغرب ينتهي بمغيب الشفق، بناء ما رجحه كثير من أهل العلم, كما سبق بيانه في الفتوى رقم:132584.
ومغيب الشفق يحصل عادة بعد مضي ساعة ونصف تقريبًا، بعد أذان المغرب.
جاء في فتاوى نور على الدرب للشيخ ابن باز:
س: كم يمتد وقت المغرب بالساعة - يا سماحة الشيخ - من بعد الأذان؟.
ج : الغالب أنها ساعة ونصف تقريبًا، ما بين غروب الشمس إلى غروب الشفق ساعة ونصف تقريبًا، أو نصف إلا خمس دقائق، والذي يعتمده الناس الآن ساعة ونصف من باب الاحتياط، يكون الشفق قد غاب بالكلية، ودخل وقت العشاء، وهذا يحتاج إلى العناية بالشفق في الصحراء، الذي يرقب الشفق وينظره يستطيع أن يحدد بالدقائق، لكن المعتمد الآن على سبيل الاحتياط ساعة ونصف، من غروب الشمس إلى غروب الشفق ساعة ونصف. انتهى.
وعلى هذا، فمن كان يشرع له الجمع والقصر، يمكنه أن ينوي جمع المغرب مع العشاء جمع تقديم قبل مضي ساعة وثلث ساعة تقريبًا، بعد أذان المغرب.
ومن شروط صحة جمع التقديم الموالاة بين الصلاتين ـ عند الجمهور ـ فلو حصل الفصل بينهما بنافلة، أو بوقت طويل, بطلت الثانية, والفصل الطويل المبطل للجمع هنا يرجع فيه لما تعارف عليه الناس, وليس محددًا بعشر دقائق، أو غيرها.
جاء في المغنى لابن قدامة: فإن جمع في وقت الأولى اعتبرت المواصلة بينهما، وهو أن لا يفرق بينهما إلا تفريقًا يسيرًا، فإن أطال الفصل بينهما بطل الجمع؛ لأن معنى الجمع المتابعة، أو المقارنة، ولم تكن المتابعة، فلم يبق إلا المقارنة، فإن فرق بينهما تفريقًا كثيرًا، بطل الجمع، سواء فرق بينهما لنوم، أو سهو، أو شغل، أو قصد، أو غير ذلك؛ لأن الشرط لا يثبت المشروط بدونه، وإن كان يسيرًا لم يمنع؛ لأنه لا يمكن التحرز منه، والمرجع في اليسير والكثير إلى العرف والعادة، لا حد له سوى ذلك، وقدره بعض أصحابنا بقدر الإقامة والوضوء، والصحيح: أنه لا حد له؛ لأن ما لم يرد الشرع بتقديره لا سبيل إلى تقديره، والمرجع فيه إلى العرف، كالإحراز، والقبض، ومتى احتاج إلى الوضوء والتيمم، فعله إذا لم يطل الفصل، وإن تكلم بكلام يسير، لم يبطل الجمع، وإن صلى بينهما السنة، بطل الجمع؛ لأنه فرق بينهما بصلاة، فبطل الجمع، كما لو صلى بينهما غيرها، وعنه: لا يبطل؛ لأنه تفريق يسير، أشبه ما لو توضأ. انتهى.
وقال بعض أهل العلم بعدم اشتراط الموالاة بين الصلاتين في حال الجمع, كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 133992.
وبخصوص نية جمع التقديم, أو التأخير, فلا بد منها, كما ذكرنا في الفتوى رقم: 60475.
ولمزيد الفائدة عن أسباب الجمع بين الصلاتين راجعي الفتوى رقم: 6846.
والله أعلم.