السؤال
أنا أعيش في فلسطين داخل الخط الأخضر - إسرائيل بين اليهود - أرابط في الأرض، وأعمل معلمًا في مدرسة مسلمين، وأقبض أجري عن طريق وزارة التربية الإسرائيلية، ويجبروننا أن نعمل توفيرًا يخصموه من الأجر، ويعيدوه إلينا بعد الخروج إلى التقاعد مع الفائدة، وللعيش "الكريم" عندهم نضطر أن نأخذ قروضًا من بنوكهم بربا بسيط؛ لأننا نعمل في وزارة التربية، ونحن في دار حرب، وحسب شروط أبي حنيفة للربا في دار الحرب أن نربح منهم إذا تعاملنا معهم بالربا، ويحرم الربا إذا ربحوا منّا، فهل أخذي الربا من التوفير المجبر عليه يضاهي ما أدفعه في القرض مضطرًا إليه، أم أني أدخل في غضب الله؟ وماذا أفعل؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في جملة من فتاوانا أن التعامل بالربا محرم مطلقًا، عند جمهور العلماء من المالكية، والشافعية، والحنابلة، وأبي يوسف، ومحمد من الحنفية.
وقال أبو حنيفة: لا يحرم الربا في دار الحرب بين المسلم وأهل الحرب، ولا بين مسلمين لم يهاجرا منها.
واحتج بما روي عن مكحول عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا ربا بين مسلم وحربي في دار الحرب. ولأن أموال أهل الحرب مباحة بغير عقد، فالعقد الفاسد أولى.
واستدل الجمهور بعموم الأدلة المحرمة للربا، وأن ما كان حرامًا في دار الإسلام فهو حرام في دار الحرب، كسائر الفواحش والمعاصي.
وأجابوا عن أثر مكحول بأنه مرسل إن صح إسناده إلى مكحول، مع كونه محتملًا لأن يكون نهيًا، فقوله "لا ربا" كقوله تعالى: فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجّ [البقرة:197]، وللمزيد انظر الفتوى رقم: 93371.
ومهما يكن من أمر، فالذي نراه أن الربا لا خير فيه مطلقًا، فاجتنبه، وما جاءك من فوائد فتخلص منها بدفعها للفقراء والمساكين ما لم تكن فقيرًا محتاجًا إليها.
قال النووي في المجموع: وله أن يتصدق به على نفسه، وعياله إن كان فقيرًا؛ لأن عياله إذا كانوا فقراء فالوصف موجود فيهم؛ بل هم أولى من يتصدق عليه، وله هو أن يأخذ قدر حاجته؛ لأنه أيضًا فقير. انتهى كلامه.
ولا تقترض بالربا، ما لم تلجئك ضرورة.
والله أعلم.