السؤال
يا شيخ: عانيت الكثير من الوسوسة في كل شيء، ففي البداية كانت في الصلاة، ثم الوضوء والصيام... وهكذا، تزيد وتقل إلى أن وصلت إلى الشك في الطهارة، وأعيد الصلاة إلى أن يخرج وقتها، وفي هذه الأيام أصبحت الوسوسة في كل العبادات حتى أصبحت لا أعلم ما هو الشك وما هي الوسوسة، وضابط الشك المستنكح أن يأتي كل يوم، ولكن وسوستي تأتي في مواضع مختلفة ولا يمر يوم إلا وقد أعدت صلاة، والغالب بسبب الطهارة، وتأتيني في قراءة القرآن، فهل أتجاهلها، لأنها وسوسة تأتيني في كل العبادات؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يشفيك ويعافيك من داء الوسوسة، واعلمي أن العلاج الناجع لما بك من الوسواس ـ مع الدعاء والالتجاء إلى الله ـ هو طرح كل ما وسوست فيه جانبا وعدم الالتفات إليه، وبما أن الشك الذي يأتيك شك دائم مستنكح فما عليك سوى طرحه طرحا تاما، فإذا شككت في صحة وضوئك فاعتبري أنك قد توضأت وضوء صحيحا، وإذا شككت كم صليت فخذي بالأكثر، فإن شككت بين ثلاث أو أربع فاعتبري أنك صليت أربعا، وهكذا.. وهذا هو الواجب في حقك، قال خليل بن إسحاق المالكي: أو استنكحه الشك ولهي عنه. اهـ.
ولا يشترط في الشك المستنكح أن يكون خاصا بأمر معين من أمور الصلاة مثل الزيادة والنقصان أو النية أو تكبيرة الإحرام.. إلخ، بل لو كان يأتي في هذا مرة وذاك مرة، فهو شك مستنكح مادام يأتي كل يوم ولو مرة، يقول محمد عليش: ضابط استنكاح الشك إتيانه كل يوم ولو مرة، سواء اتفقت صفة إتيانه أو اختلفت كأن يأتيه يوما في نيته، ويوما في تكبيرة إحرامه، ويوما في الفاتحة، ويوما في الركوع، ويوما في السجود، ويوما في السلام، ونحو ذلك، فإن أتاه يوما وفارقه يوما فليس استنكاحا، وحكمه وجوب طرحه, واللهو والإعراض عنه والبناء على الأكثر، لئلا يعنته ويسترسل معه حتى للإيمان ـ والعياذ بالله تعالى ـ كما هو مشاهد كثيرا في كثير من طلبة العلم، ويندب السجود بعد السلام ترغيما للشيطان. اهـ.
ومما تقدم تعلمين أن الشك المستنكح يطرحه الإنسان ولا يعبأ به، بل يلهو عنه وجوبا، فإن كان في غير الصلاة فليس على صاحبه إلا الترك، وإن كان في الصلاة فيندب مع ذلك السجود بعد السلام ترغيما للشيطان عند بعض العلماء.
والله أعلم.