السؤال
أمي تعيش الآن عند جدتي، وهي ليست مطلقة، وأنا أعيش عند أبي، المسافة بيني وبين أمي ساعة واحدة تقريبا، لكني أتواصل معها عبر الهاتف سرًّا دون علم أبي، فتقول لي أمي: لا تسمعي لكلام أبيك، ولا تنظفي المنزل. حتى لا يستطيع أبي الاستغناء عن أمي، ويرجعها للبيت، فأيهما أطيع: أمي أم أبي؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلكل من الوالدين على أولادها حق البر والإحسان؛ لما لهما من مكانة بوأهما إياها الشرع الحكيم. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 66308.
فقد أحسنت بصلتك أمك، والتواصل معها، وفي المقابل إحسانك إلى أبيك، ولا يجب عليك طاعة أمك في منعها إياك من القيام بما يحتاجه من الخدمة، فليس لأي من الوالدين الحق في منع الأولاد من إعطاء الآخر حقه، فإن في هذا حملًا للأولاد على العقوق. فأحسني إلى أبيك بالقيام بحقه، ولا تعصي أمك بإطلاعها على ما يمكن أن يكون سببا في سخطها.
ولا ينبغي أن يترك أمر أبيك وأمك على هذا الحال من الفراق، بل يحسن السعي في الإصلاح، وبعث العقلاء من الناس في هذا الأمر، قال تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا {النساء:35}، وقال: وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا {النساء:128}، فندب إلى الإصلاح في الحالين، أي: حال نشوز الزوج، وحال نشوز الزوجة. وروى أحمد، وأبو داود عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام، والصلاة، والصدقة؟». قالوا: بلى. قال: «إصلاح ذات البين، وفساد ذات البين الحالقة».
والله أعلم.