الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يستحب العيش بمكة

السؤال

أنا وافد أعمل في مدينة جدة، وإيماني يزيد وينقص؛ فبعض الأوقات أكون قريبا جدا من الله، ومتحريا لكل الفضائل، وباحثا عن الأجر، وبعضها قد أشاهد التلفاز، وربما يقع نظري على ممثلة متبرجة، واقترف بعض الذنوب المتقطعة القليلة، كقراءة القصص الجنسية، أو ممارسة العادة السرية، لتخفيف الشهوة، ولا تتعدى ذنوبي هذا الحد تقريبا، مع العلم أني أحافظ على الصلاة، وأندم على فعل الذنوب، ولكن نفسي الأمارة بالسوء، وأتمنى أن أعيش بمكة مع إمكانية ذلك لي لقربها من مكان عملي بجدة، فهل تنصحونني بالعيش في مكة -شرفها الله- ابتغاء الأجر العظيم أم لا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يحفظك، وأن يقيك شر نفسك, وننبهك أولًا إلى عدم احتقار الذنوب، وإن قلت في النظر، فقد تكون سبب هلاك في الآخرة، كما بينا بالفتوى رقم: 37971، فبادر بالتوبة من هذه المعاصي، وابتعد عن أسبابها، وراجع في ذلك هاتين الفتويين: 130030، 182397.

وأما عن سكنى مكة: فمستحب، إلا أن يغلب على الظن الوقوع في الأمور المذمومة.

قال النووي في المجموع: اختلف العلماء في المجاورة بمكة والمدينة؛ فقال أبو حنيفة، وطائفة: تكره المجاورة بمك. وقال أحمد، وآخرون: تستحب. وسبب الكراهة عند من كره: خوف الملك، وقلة الحرمة للأنس، وخوف ملابسة الذنوب، فإن الذنب فيها أقبح منه في غيرها، كما أن الحسنة فيها أعظم منها في غيرها. ودليل من استحبها: أنه يتيسر فيها من الطاعات ما لا يحصل في غيرها من الطواف، وتضعيف الصلوات، والحسنات، وغير ذلك. والمختار: أن المجاورة مستحبة بمكة والمدينة، إلا أن يغلب على ظنه الوقوع في الأمور المذمومة أو بعضها، وقد جاور بهما خلائق لا يحصون من سلف الأمة وخلفها ممن يقتدى به. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني