الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية التخلص من الإدمان على الأفلام الإباحية

السؤال

أنا شاب عندي 28 عاما، ولم أتزوج بعد، مشكلتي أني مدمن الأفلام الإباحية منذ أكثر من عشر سنوات بسبب زوجة أبي، كانت تخرج بملابس تظهر أكثر مما تداري، وأنا في سن المراهقة فلجأت إلى مثل هذه الأفلام كي لا أقع في الحرام معها، وأصبحت كلما رأيتها هكذا ألجأ إلى الأفلام إلى أن أصبحت أحلم بها وأتخيلها في منامي وأنا أفعل معها ما يدور في الأفلام، ومنذ سنتين توفي أبي وتركت البيت، وأنا الآن أقيم بمفردي، وظننت أني سأتخلص من هذه العادة، ولكن وجدت نفسي لا أستطيع، فالبيت دائما فارغ ولدي الإنترنت، وأنا أواظب على الصلاة وأحيانا في الجامع كل الفروض أصليها به، وأطلع بعد صلاة العشاء يوسوس إلي الشيطان حتى يجعلني أتفرج على هذه الأفلام، فأشك في نفسي وأحس أني منافق، وأكون في حيرة هل أكمل الصلاة أم أنا منافق وأتوقف عنها، وأواظب على صلاتي مرة أخرى وأقع في هذه الأفلام، وأصبحت الآن مجرد أني أرى أي منظر يثيرني ألجأ إلى الأفلام حتى أشبع رغبتي، أريد حلا لهذا الإدمان، وهل ما مررت به ربما يخفف عني العقاب؟ أم أن هناك طرقا أخرى كنت أستطيع أن ألجأ إليها أثناء إثارة زوجة أبي لي، وهي فتاة صغيرة وتستطيع أن تفتن الرجال وليس الصبية فقط، ومشكلتي الأكبر الآن أنا ارتبطت بفتاة على خلق ودين وصارحتها بهذا الأمر حتى تدفعني أن أتخلص منه، ولكنها قررت أن تتخلى عني وتتركني لوحدي، وقالت أنا لا أضمن أن تخف من مثل هذا الإدمان فلنفترق أحسن، فهل أنا لا أستطيع أن أتعالج فعلا؟ وهل الزواج لن يجعلني أتوقف عن مثل هذه الأفعال التي تجعلني أحتقر نفسي وأستصغرها أمام الله؟ ولا أعرف كيف أصلي؟ ولا ماذا أفعل؟ إني في حيرة تامة من أمري، وأشعر كثيرا أن زوجة أبي عملت لي عملا يربط الجنس بتفكيري فيها، وخصوصا أنها كانت تعرف في هذه الأمور والأعمال وغيرها، وفي أحد الأيام أتى رجل يدعي الصلاح إلى بيتنا، وقال إن بيتنا به جان، فأنا لم أصدقه، ولكني الآن أشعر أنها عملت شيئا لي، فأنا إنسان غير سوي، أصلي وأدعي أني صالح، وبيني وبين نفسي أفعل مثل هذا، بالله عليكم أجيبوني باستفاضة، ولا تكتفوا بشروط التوبة وكيفيتها، فأنا مللت من البحث والتطبيق على نفسي بلا جدوى، وأريد أن أكون إنسانا طبيعيا أتزوج وأنجب أطفالا وأعيش بلا أفلام إباحية، وهل تؤمنون بالأعمال؟ وهل تحثونني على أن أذهب إلى أي شيخ ليتفحص إن كان بي عمل أم لا؟ أرجو الإفادة أنا في مرحلة أن خطبتي سوف تفشل، وحياتي ستدمر، وأحتاج لحل لأخرج من ذلك الكابوس. ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا ريب في أن مشاهدة الإفلام الإباحية شر وبلاء، والإدمان عليها هم ونكد في الحياة، نسأل الله أن يشفي قلبك من هذا الداء، وأن يرزقك إيمانا كالجبال تتقي به الفتن، وتعصم نفسك به من المعاصي، ونوصيك بكثرة الدعاء، وسؤاله الهدى والتقى والعفاف والغنى، فمن لجأ إليه حماه، ومن اعتصم به عصمه ووقاه. قال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}. وإن من أخطر الفتن الفتنة بالمحارم، فزوجة الأب محرم لابنه، وإذا وجد منها ريبة فإنه يعاملها معاملة الأجانب فيجتنبها، ويحذر من الخلوة بها ونحو ذلك، وانظر الفتوى رقم: 123065.

ومن الغريب أن يلجأ المسلم إلى مشاهدة الأفلام الإباحية ليتقي بها الوقوع في الفواحش، وهي ـ أي الأفلام الإباحية ـ من أعظم أسباب إثارة الغريزة والدفع إلى الزنا، فحال صاحبها معها كما قال القائل: المستجير بعمرو عند كربته * كالمستجير من الرمضاء بالنار

فانظر كيف أصبح حالك معها، وكيف أنها صارت داء في حين كنت تبتغيها دواء، والعلاج الصحيح فيما أرشد إليه الشرع الحكيم، كما في حديث ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال قال لنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء.

وهنالك توجيهات أخر للوقاية من مثل هذه الفتن راجعها بالفتوى رقم: 100870. وإذا كنت ذا عزيمة صادقة تيسر لك كل شيء، قال تعالى: فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ {محمد:21}.

ويجب عليك المحافظة على الصلاة، والحذر من وساوس الشيطان وتسويله لك بأنك منافق فلا فائدة في أن تصلي، فيدفعك إلى ترك الصلاة، فتخسر دنياك وأخراك، وراجع في حكم ترك الصلاة الفتوى رقم: 1145. فحافظ عليها، واحرص على أدائها على أكمل وجه والخشوع فيها فإنها معينة على ترك الفواحش والمنكرات كما قال تعالى: اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ {العنكبوت:45}.
والسحر حقيقة، وله تأثير ولكنه لا يضر أحدا إلا بإذن الله، قال عز وجل: فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ {البقرة:102}، وراجع للمزيد الفتوى رقم: 18942، ولا يجوز لك اتهام زوجة أبيك بعمل السحر إلا ببينة، فالأصل في المسلم السلامة حتى يتبين خلافها، وإذا خشيت أن تكون مسحورا فلا حرج في إتيان من يرقي من الصالحين، واحذر إتيان الكهنة والعرافين، وانظر الفتوى رقم: 7970.

وقد أخطأت في إخبار مخطوبتك بأمرك ، فإن المؤمن مأمور بالستر على نفسه مع التوبة .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني