الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالراتب الذى يصلك إن كنت تنفقينه على أولادك، وزوجك، وأقاربك في بلدك بحيث لا تدخرين منه قدر نصاب تمضي عليه سنة, فلا زكاة عليك أصلًا.
أما إن كان المدخر من الراتب يساوي نصابًا فأكثر، ثم يحول عليه الحول من غير أن ينقص عن النصاب: فتجب عليك الزكاة, وعليك ضبط وقت محدد لوجوب الزكاة عليك, وذلك من وقت حلول الحول على قدر نصاب مدخر.
والنصاب من الأوراق النقدية ما يساوي خمسة وثمانين غرامًا من الذهب، أو خمسمائة وخمسة وتسعين غرامًا من الفضة، والقدر الواجب إخراجه هو ربع العشر -اثنان ونصف في المائة-، كما سبق في الفتوى رقم: 2055.
وراجعي كيفية زكاة الراتب مفصلة, وذلك في الفتوى رقم: 128619، والفتوى رقم: 3922.
ثم إن دفع الزكاة مقسطة على شكل إعانة شهرية للفقراء, له حالتان:
الحالة الأولى: تقسيطها قبل وجوبها، أي تعجيل الزكاة مقسطة قبل تمام الحول، كأن يعطي للفقراء -مثلًا- عشرة آلاف شهريًّا بنية الزكاة، فهذا التقسيط جائز، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 9874.
الحالة الثانية: تقسيط الزكاة بعد وجوبها، وهذا لا يجوز؛ لما يترتب عليه من تأخير الزكاة بعد وجوبها، فالأصل وجوب إخراج الزكاة فورًا بعد الوجوب.
جاء في المهذب للشيرازي: ومن وجبت عليه الزكاة، وقدر على إخراجها، لم يجز له تأخيرها؛ لأنه حق يجب صرفه إلى الآدمي، توجهت المطالبة بالدفع إليه، فلم يجز له التأخير، كالوديعة إذا طالب بها صاحبها، فإن أخرها وهو قادر على أدائها، ضمنها؛ لأنه أخر ما يجب عليه مع إمكان الأداء، فضمنه كالوديعة. انتهى.
وفي حاشية الدسوقي على الشرح الكبير- المالكي- متحدثًا عن إخراج الزكاة بعد الوجوب: قوله: على الفور، وأما بقاؤها عنده، وكل ما يأتيه أحد يعطيه منها، فلا يجوز. انتهى.
ثم إذا كان والدك فقيرًا, فنفقته واجبة على أبنائه، وبناته, ومن ثم؛ فلا يجزئ دفع الزكاة له, كما ذكرنا في الفتوى رقم: 40383، كما لا يصح أن يحسب من الزكاة ما تدفعينه لأخيك القائم على شأن الوالد نيابة عنكم إن كان على وجه التعويض له عن قيامه بما يجب عليكم؛ لأنه حينئذ صار بمثابة الأجرة، وراجعي الفتوى رقم: 140024.
وأما كفالة الأيتام من الزكاة: فتجوز إذا كان اليتيم فقيرًا، ولا عائل له، على ما هو مبين في الفتويين: 15689، 107399.
وقد تبين مما ذكرناه إن كانت زكاة مجزئة فيما مضى أم لا.
والله أعلم.