الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فستكون الإجابة على سؤالك في النقاط التالية:
1ـ مذهب الجمهور أنه لا يجب غسل الأنثيين لأجل خروج المذي إذا لم يصبهما شيء منه, قال الشوكاني ـ رحمه الله ـ في نيل الأوطار: قول الجمهور إلى أن الواجب غسل المحل الذي أصابه المذي من البدن ولا يجب تعميم الذكر والأنثيين ويؤيد ذلك ما عند الإسماعيلي في رواية بلفظ: توضأ واغسله ـ فأعاد الضمير على المذي. انتهى.
وعلى هذا، فعدم غسل الأنثيين هنا لا يضرك.
2ـ بخصوص الثوب المصاب بالمذي، فلابد من غسله عند أكثر أهل العلم, وحملوا النضح المذكور في الحديث على الغسل, كما سبق في الفتوى رقم: 195145.
وهناك قول بإجزاء رش الماء على موضع المذي, جاء في تحفة الأحوذي للمباركفوري: قوله: واختلف أهل العلم في المذي يصيب الثوب، فقال بعضهم لا يجزئ إلا الغسل، وهو قول الشافعي وإسحاق ـ واستدل من قال بالغسل بحديث علي قال: كنت رجلا مذاء ـ الحديث، وفيه: يغسل ذكره ويتوضأ ـ رواه مسلم، وبحديث عبد الله بن سعد وفيه: وكل فحل يمذي فتغسل من ذلك فرجك وأنثييك وتتوضأ وضوءك للصلاة ـ رواه أبو داود، وقالوا حديث النضح والرش محمول على ذلك وقال بعضهم يجزئه النضح، وقال أحمد: أرجو أن يجزئه النضح بالماء ـ والحجة لهم في ذلك حديث الباب، قال الشوكاني: اختلف أهل العلم في المذي إذا أصاب الثوب، فقال الشافعي وإسحاق وغيرهما: لا يجزئه إلا الغسل أخذا برواية الغسل، وفيه أن رواية الغسل إنما هي في الفرج لا في الثوب الذي هو محل النزاع، فإنه لم يعارض رواية النضح المذكورة في الباب معارض، فالاكتفاء به صحيح مجزئ، وقال: وقد ثبت في رواية الأثرم لفظ: فترش عليه ـ وليس المصير إلى الأشد بمتعين، بل ملاحظة التخفيف من مقاصد الشريعة المألوفة، فيكون مجزئا كالغسل. انتهى.
3ـ أما قولك: فبللت يدي بالماء ثم رششت الثوب بالماء ـ فيه شيء من اللبس، لأن البلَّ لليد لا يناسب الرش، بل يفعل ـ في الغالب ـ للمسح، كما هو الحال في مسح الرأس والأذنين والخف... وعلى أية حال، فإن كان قصدك أنك قد جعلت فيها ما يكفي لرش موضع المذي, فما فعلته مجزئ بناء على مذهب بعض أهل العلم, وعلى هذا يكون طوافك صحيحا، وإن كان الرش لم يحصل لقلة البلل, فإن نجاسة المذي باقية في ثوبك, والطواف تشترط في صحته طهارة البدن والثوب عند الجمهور, وبالتالي، فأنت باق على إحرامك بالحج حتى ترجع لمكة, ثم تأتي بالطواف على طهارة, ثم تسعى بعده, قال ابن قدامة في المغني: ومن ترك طواف الزيارة، رجع من بلده حراما حتى يطوف بالبيت، وجملة ذلك أن طواف الزيارة ركن الحج، لا يتم إلا به، ولا يحل من إحرامه حتى يفعله، فإن رجع إلى بلده قبله، لم ينفك إحرامه، ورجع متى أمكنه محرما، لا يجزئه غير ذلك، وبذلك قال عطاء، والثوري، ومالك، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي وابن المنذر. انتهى.
4ـ القول الصحيح أن طواف الإفاضة ليس له وقت محدد, فيجزئ في كل وقت من العمر, وما يترتب على تأخيره تقدم بيانه في الفتوى رقم: 272827.
5ـ إذا كان طوافك بعد التحلل الأول, فقد حلت لك محظورات الإحرام من تطيب, ولبس المخيط, ونحوها باستثناء الجماع ومقدماته, وراجع في ذلك الفتويين رقم: 64459, ورقم: 276826.
وما يحصل به التحلل الأول سبق في الفتوى رقم: 115911.
6ـ إذا لم يكن التحلل الأول قد حصل, فعلى مذهب الجمهور: يجب عليك الآن الكف عن جميع محظورات الإحرام، من تطيب، وقص شعر، وجماع أو مقدماته... إلى آخرها، حتى ترجع لمكة، ثم تأتي بطواف الإفاضة، ثم تسعى بعده، ثم تقصر من شعرك، وبذلك يحصل لك التحلل من الحج، وبخصوص ما أقدمتِ عليه من محظورات الإحرام قبل التحلل من الحج, فراجع حكمه في الفتويين رقم: 14023, ورقم: 15047.
7ـ يوجد قول لبعض أهل العلم بصحة طوافك بثوب متنجس, جاء في الفتاوى الكبري لشيخ الإسلام ابن تيمية: قال أبو عبد الله في رواية أبي طالب: وإذا طاف رجل في ثوب نجس، فإن الحسن كان يكره أن يفعل ذلك، ولا ينبغي له أن يطوف إلا في ثوب طاهر، وهذا الكلام من أحمد يبين أنه ليس الطواف عنده كالصلاة في شروطها، فإن غاية ما ذكر في الطواف في الثوب النجس: أن الحسن كره ذلك، وقال: لا ينبغي له أن يطوف إلا في ثوب طاهر، ومثل هذه العبارة تقال في المستحب المؤكد، وهذا بخلاف الطهارة في الصلاة، ومذهب أبي حنيفة وغيره، أنه إذا طاف وعليه نجاسة، صح طوافه ولا شيء عليه. انتهى.
وهذا القول الأخير مخالف لمذهب الجمهور, لكننا قد بينا في الفتوى رقم: 125010، أن الأخذ بالقول المرجوح والفتوى به بعد وقوع الأمر، مما سوغه كثير من العلماء, وعلى هذا القول: فحجك صحيح, ولا شيء عليك.
والله أعلم.