الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تخصيص البنات دون الأولاد، أو العكس بشيء من الهبة

السؤال

توفي والدي في حياة جدتي، وجدتي كانت قد أعطت بناتها جزءًا من أرضها، وبإجبار من أزواجهن، وإلا سيطلقونهن، وعمي كان معه توكيل من جدتي، وقام بكتابة جزء من الأرض لنفسه، ولنا –أنا، وإخوتي- بنفس قيمة ما أخذته أخواته البنات، فهل هذا حلال أم حرام؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فستكون إجابتنا عن هذا السؤال من خلال النقاط التالية:

1- تخصيص البنات دون الأولاد، أو العكس بشيء من الهبة لا يجوز، إلا لمسوغ شرعي، وإذا حصل دون أن يكون له ما يسوغه، فيجب على الواهب - أبًا أو أمًّا - الرجوع في الهبة، أو إعطاء مثلها للبقية، لكن إذا مات قبل ذلك، فإن الهبة تختص بمن وهبت له في قول أكثر أهل العلم، جاء في المغني لابن قدامة: مسألة: فإن مات، ولم يردده، فقد ثبت لمن وهب له إذا كان ذلك في صحته، يعني إذا فاضل بين ولده في العطايا، أو خص بعضهم بعطية ثم مات قبل أن يسترده، ثبت ذلك للموهوب له، ويلزم، وليس لبقية الورثة الرجوع، هذا المنصوص عن أحمد في رواية محمد بن الحكم، والميموني، وهو اختيار الخلال، وصاحبه أبي بكر، وبه قال مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي، وأكثر أهل العلم، وفيه رواية أخرى عن أحمد أن لسائر الورثة أن يرتجعوا ما وهبه، اختاره ابن بطة، وأبو حفص العكبريان، وهو قول عروة بن الزبير، وإسحاق. اهـ

2- إن كانت جدتك قد أعطت بناتها جزءًا من أرضها، ولكن لم يحصل قبض منهن حتى ماتت، فإن الهبة تبطل حينئذ عند جمهور أهل العلم، وتعاد إلى التركة لتقسم بين الورثة، كما سبق في الفتوى رقم: 277444.

وإن قبضت البنات الهبة في حياتها بحيث صرن يتصرفن فيها تصرف المالك في ملكه، فهي هبة نافذة مختصة بهن.

ولا يؤثر في صحتها تهديد أزواج البنات بطلاقهن، فإن هذا ليس من الإكراه المعتبر شرعًا، جاء في الفروع لابن مفلح: ولو أمره أبوه بشرب دواء بخمر, وقال: أمك طالق ثلاثًا إن لم تشربه حرم شربه، نقله هارون الحمال. اهـ

ولمعرفة ضابط الإكراه المعتبر شرعًا انظر الفتوى رقم: 24683، والفتوى رقم: 57730.

3- ما قام به عمك من كتابة جزء من الأرض لنفسه، ولكم لا يترتب عليه شيء، ولا تملك به الأرض؛ لأنه إن كان في حياة أمه، فلا بد من رضاها، وموافقتها، وإن كان بعد موتها فالمال - بما فيه الجزء المذكور من الأرض - أصبح ملكًا لجميع الورثة، وليس لأحدهم أن يتصرف فيه بهبة، أو غيرها.

ومن ثم؛ فلا يجوز لعمكم أن يأخذ منه شيئًا لنفسه، أو يعطيه لكم إلا برضا جميع الورثة، إن كانوا بالغين رشداء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني