الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تضايق الأبناء من كثرة طلبات الوالدين

السؤال

إلى أي حد يجب أن يصل برنا بوالدنا، فنحن أربعة أولاد وبنت، وعلى مدار الساعة يطلب طلبات غير معقولة؟ وهل إذا قلنا له تعبنا يعتبر ذلك من العقوق؟ نريد أن نعطيه الدواء فلا يقبل، فنعطيه له بالتحايل، ويشهد الله أننا لا ولن نعقه ـ والعياذ بالله؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يخفى أن برّ الوالدين من أوجب الواجبات، ومن أفضل القربات، وأن طاعتهما في المعروف واجبة، وإذا احتاجا إلى الخدمة والرعاية وجبت على أولادهما، قال ابن مفلح رحمه الله: ومن حقوقهما خدمتهما إذا احتاجا أو أحدهما إلى خدمة وإجابة دعوتهما، وامتثال أمرهما ما لم يكن معصية على ما مر، والتكلم معهما باللين. اهـ

فالواجب عليكم بر أبيكم والإحسان إليه، ولا يجوز إظهار التضجر من خدمته ورعايته، ولا سيما حال ضعفه ومرضه، قال تعالى: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا {الإسراء: 23}.

لكن إذا أمركم بما لا تطيقون، أو كان عليكم فيه ضرر، فلا تجب طاعته، ولا تكونون عاقين بعدم طاعته في ذلك، قال ابن تيمية رحمه الله: وَيَلْزَمُ الْإِنْسَانَ طَاعَةُ وَالِدِيهِ فِي غَيْرِ الْمَعْصِيَةِ وَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ أَحْمَدَ، وَهَذَا فِيمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ لَهُمَا وَلَا ضَرَرَ، فَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَضُرَّهُ وَجَبَ، وَإِلَّا فَلَا. اهـ

ولمعرفة ضابط العقوق المحرّم راجعي الفتوى رقم: 76303.

واعلمي أنّ برّ الوالد من أفضل الأعمال الصالحة التي يحبها الله، ومن أسباب التوفيق والفلاح في الدنيا والآخرة، فعن أبي الدرداء ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع هذا الباب أواحفظه. رواه الترمذي وابن ماجه.

فاصبروا على أبيكم، واحتسبوا الأجر عند الله تعالى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني