السؤال
أنا أعمل منذ 9 سنوات، وأدخر أحيانا من راتبي وأودعه بالبنك، والحقيقة أن أبي يدخر لي من ماله الخاص منذ صغري حتى الآن (وهو مبلغ كبير) فهل يجب على أن أدفع الزكاة على جميع الأموال المدخرة من مال أبي ومالي من عملي؟ أم أدفع الزكاة على أموالي من عملي فقط؟ حيث إنني أدفع فلوس الزكاة من مال راتبي، وهو بالتالي لا يكفى لجميع الأموال التي أمتلكها؟ وماذا أفعل في سنوات مضت ولم أكن أعلم بوجوب دفع الزكاة؟ حيث إنني غير متأكدة من قيام أبي بدفع الزكاة أم لا؟ وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما كان يدخره لك أبوك إن كان ذلك على سبيل تمليكه لك لا على سبيل الوصية، أو ألا تملكيه حتى تبلغي رشدك فهو ملك لك من حين ادخره لك، وقبضه لك كاف لصحة تلك الهبة، قال ابن قدامة في (المغني): إن وهب الأب لابنه شيئا, قام مقامه في القبض والقبول إن احتيج إليه، قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الرجل إذا وهب لولده الطفل دارا بعينها أو عبدا بعينه وقبضه له من نفسه وأشهد عليه, أن الهبة تامة، هذا قول مالك والثوري والشافعي وأصحاب الرأي. اهـ
وعلى اعتبار هذا الاحتمال ـ تمليك الوالد لك وثبوت ذلك ـ وهو الظاهر فإنه تجب الزكاة في ذلك المال المدخر من حين بلوغه للنصاب، وحولان الحول عليه، وإن لم يكن الأب قد تولى إخراجها فعليك أنت عد السنين التي مضت على بلوغه النصاب وإخراج زكاتها، ولو تعذر معرفة ذلك مدة أو قدرا، فلتجتهدي بما يغلب على ظنك براءة ذمتك به لقوله تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا {البقرة:286}، وقوله عليه الصلاة والسلام: إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم. رواه البخاري ومسلم.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: هل يجوز إخراج الزكاة بأثر رجعي أعني إذا ملك الشخص النصاب ولم يخرج الزكاة في وقتها، وتأخر ذلك عدة أعوام هل يجوز إخراج الزكاة عن ذلك الزمن المنصرم؟ وكيف يمكن للشخص أن يخرج الزكاة إذا لم يكن متأكدا من مقدار المال الذي وجبت فيه الزكاة في ذلك الوقت السابق؟ فأجابت اللجنة بما يلي:
أ ـ من وجبت عليه زكاة وأخرها بغير عذر مشروع أثم؛ لورود الأدلة من الكتاب والسنة بالمبادرة بإخراج الزكاة في وقتها.
ب ـ من وجبت عليه زكاة ولم يخرجها في وقتها المحدد وجب عليه إخراجها بعد، ولو كان تأخيره لمدة سنوات فيخرج زكاة المال الذي لم يزك لجميع السنوات التي تأخر في إخراجها، ويعمل بظنه في تقدير المال وعدد السنوات إذا شك فيها، لقول الله عز وجل: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. انتهى.
وكذلك الحال فيما ادخرته من راتبك فتؤدين زكاته وفق ما بيناه، ويمكن أداء الحق الواجب من غير نفس المال المدخر كما لو دفعتها من راتبك، وإن كان أقل منها فلا بد من دفعها ولو من المال المدخر.
وأما على الاحتمال الثاني وهو أن الأب لم يكن يدخر لك ذلك المال على سبيل الهبة المنجزة، وإنما على اعتبار الوصية أو ألا تملكيه إلا بعد البلوغ ونحو ذلك، ففي حكمه تفصيل آخر لا يسعنا افتراضه لكن إن كان هو المقصود فيرجى إيضاحه حتى نجيب عنه.
والله أعلم.