السؤال
كنت أضع كحلًا على الحاجب (قلم كحل وليس وشمًا)، وبعد مدة تزيد عن ثلاث سنوات اكتشفت أنه عازل للماء، فيمنع وصول الماء للجلد، فما حكم الصلوات التي صليتها بوضوء وأنا أضع هذا الكحل؟ وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمر من لم يحسن وضوءه بإعادة صلاته بهذا الوضع جهلًا، فهل يلزمني إعادتها أم تسقط لعدم العلم ولأني صليت معتقدة بصحة وضوئي وليس عمدًا مني؟ وإذا كان لا بد من الإعادة، فماذا لو توفيت قبل أن أستطيع إكمال ما عليّ؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الكحل المذكور يشكل طبقة تمنع وصول الماء إلى الجسم فلا يصح الوضوء مع وجوده، وبالتالي عدم صحة الصلاة؛ لأن من شروط صحة الصلاة صحة طهارتها، وانظري الفتوى رقم: 199751.
وأما إعادة ما مضى من الصلاة بدون وضوء صحيح جهلًا: فإن جمهور أهل العلم على وجوب إعادتها في هذه الحالة؛ لأن الجهل بالشروط والأركان يرفع الإثم، ولكنه لا تبرأ به الذمة ولا يسقط به الطلب، مع اتفاق الجميع على وجوب الإعادة إذا علم في الوقت.
فعلى مذهب الجمهور يجب عليك أن تقضي تلك الصلوات التي صُليت بوضوء غير صحيح.
وما أشرت إليه من عدم أمر النبي صلى الله عليه وسلم الجاهل بإعادة ما فسد من عبادته صحيح؛ فلم يأمر المسيء بقضاء ما فات من صلوات مع التقصير في أركانها، ولم يأمر عمر وعمارًا بقضاء الصلاة التي لم يتيمما لها حين أصابتهما الجنابة، ولم يأمر معاوية بن الحكم بالإعادة حين تكلم في الصلاة جاهلًا إلى غير ذلك من الأمثلة الصحيحة، وهو ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية ومن وافقه من العلماء: أن الجاهل معذور، وتسقط عنه إعادة ما فسد من عبادته جهلًا، ولا شك أن لهذا القول قوة واعتبارًا لقوة أدلته وصحتها، ولذلك لا حرج على من أخذ به.
ولكن القول الأول أحوط وأبرأ للذمة، وانظري الفتوى التي أحلناك عليها سابقًا، وانظري كذلك الفتوى رقم: 98617.
وعلى القول بالقضاء؛ فإن كيفيته تكون حسب الطاقة، وبما لا يضر بالبدن أو المعاش، فإن الله تعالى لا يكلف نفسًا إلا وسعها. وانظري للفائدة الفتوى رقم: 65077.
وإذا لم تستطيعي إكمال ما عليك من القضاء بأن حال بينك وبينه حائل كالموت؛ فليس عليك إثم؛ لأن الله تعالى لا يكلف نفسًا إلا وسعها، وانظري الفتوى رقم: 279724.
والله أعلم.