السؤال
إحدى الشركات تطلب مهندسين للتعيين، ولا تعين أحدا إلا بالرشوة، وكل المعينين من قبل غير مستوفين للشروط، وهذا ما اعتيد عليه، وهذه الشركة لا تأخذ الأكفأ كما يبدو في الشروط، فهل علي إثم إذا دفعت لهم هذه الرشوة مقابل الوظيفة؟ مع العلم أن من ضمن شروط الوظيفة تخصص ميكانيكا باور وتقدير جيد، وأنا ميكانيكي إنتاج وتقدير مقبول، وباقي الشروط تنطبق علي.
وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز بذل الرشوة لتجاوز شروط الشركة أو التحايل عليها ولو كان المسؤولون عن التعيين همهم الرشا وكسب المال؛ لما في ذلك من ظلم أصحاب الشركة وأكل مالها بالباطل، بل وربما يكون في ذلك فساد عظيم بتولي بعض من لا يتقن العمل والمنصب الذي سيتولاه، والرشوة ما دفع لأخذ حق الغير أو التهرب من دفع حق واجب، والباحث عن العمل لا يستحق أن يقبل موظفا بتلك الشركة، فلو منع من ذلك، فإنه لا يكون ممنوعا من حق حتى يدفع الرشوة للحصول عليه، قال تعالى: سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ. {المائدة: 41}.
قال الحسن وسعيد بن جبير: هو الرشوة.
وقال تعالى: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:188}.
وعن عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي. رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.
وفي رواية: والرائش ـ وهو الساعي بينهما.
وإنما تجوز الرشوة عند الجمهور في حالة ما إذا كان الشخص لا يستطيع أن يتوصل إلى حقه، أو يدفع الضرر عن نفسه إلا بها, ويكون الإثم على المرتشي حينئذ دون الراشي، فقد ورد في الأثر: أن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ كان بالحبشة فرشا بدينارين، حتى خلي سبيله، وقال: إن الإثم على القابض دون الدافع.
وسبل الحلال كثيرة لمن تحراها وابتغاها، قال صلى الله عليه وسلم: أيها الناس؛ اتقوا الله وأجملوا في الطلب، فإن نفسا لن تموت حتى تستوفي رزقها وإن أبطأ عنها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، خذوا ما حل ودعوا ما حرم. رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
قال المناوي في فيض القدير: ومعناه أن تطلبوه بالطرق الجميلة المحللة بغير كد ولا حرص ولا تهافت على الحرام والشبهات، وتحسنوا السعي في نصيبكم منها..
والله أعلم.