السؤال
صديقتي أكملت الماجستير، وبعد إكمالها لبحث الماجستير أرادت تقديمه للإدارة لإجازته، ولكن كل من قدم قبلها يخبرها بأنها لن تستطيع اجتياز هذه المرحلة إلا إذا أهدت الإدارة شيئًا ثمينًا، وكل الذين لم يهدوا الإدارة شيئًا تم رفض بحوثهم، وهي لا تجد طريقة غير إهداء شيء ثمين للإدارة، فهل هذه رشوة؟ وهل هذا يجوز؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن المحرم من الرشوة -وما في حكمها من الهدايا- هو ما يعطى لإبطال حق، أو لإحقاق باطل، وأما ما يعطيه الشخص للوصول إلى حقه، وكف الظلم عنه، فليس من الرشوة المحرمة في حق المعطي، وإنما إثمها على الآخذ، قال الخطابي - في شرح حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي، والمرتشي رواه أبو داود، والترمذي، وقال: حسن صحيح.
والراشي: المعطي، والمرتشي: الآخذ، وإنما يلحقهما العقوبة معًا إذا استويا في القصد، والإرادة، فرشا المعطي لينال به باطلًا، ويتوصل به إلى ظلم، فأما إذا أعطى ليتوصل به إلى حق، أو يدفع عن نفسه ظلمًا، فإنه غير داخل في هذا الوعيد. وروي أن ابن مسعود: أخذ في شيء وهو بأرض الحبشة، فأعطى دينارين حتى خلي سبيله. وروي عن الحسن، والشعبي، وجابر بن زيد، وعطاء أنهم قالوا: لا بأس أن يصانع الرجل عن نفسه، وماله، إذا خاف الظلم. وكذلك الآخذ إنما يستحق الوعيد إذا كان ما يأخذه إما على حق يلزمه أداؤه، فلا يفعل ذلك حتى يرشى، أو عمل باطل يجب عليه تركه، فلا يتركه حتى يصانع ويرشى. اهـ.
وقال ابن عثيمين: الرشوة هي كل ما يتوصل به الإنسان إلى غرضه، مشتقة من الرشاء، وهو الحبل الذي يدلى به الدلو ليستقي به من البئر، وهي في الحقيقة تنقسم إلى قسمين: رشوة يتوصل بها الإنسان إلى باطل لدفع حق واجب عليه، أو الحصول على ما ليس له، فهذه محرمة على الآخذ وعلى المعطي أيضًا، وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه لعن الراشي والمرتشي)، واللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله، وهذا يدل على أنها من كبائر الذنوب؛ حيث رتبت عليها هذه العقوبة العظيمة.
والقسم الثاني: رشوة يتوصل بها الإنسان إلى حقه المشروع، أو دفع باطل عنه، وهذه محرمة في حق الآخذ، وجائزة في حق المأخوذ منه؛ لأنه يريد أن يتخلص من الظلم، أو يتوصل إلى حقه وهو غير ملوم على هذا . اهـ. من فتاوى نور على الدرب.
فإن كانت الإدارة تمنع الطالبة حقًّا لها ظلمًا وجورًا، ولا تصل الطالبة إلى حقها، ودرء الظلم عنها إلا بالإهداء إلى الإدارة، فلا إثم عليها في ذلك، وإنما الإثم على الظالم الآخذ.
والله أعلم.