الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يعتبر من فعل بعض ما وَعَد به وفَّى بالوعد؟

السؤال

فضيلة الشيخ: أنا في الحقيقة لدي سؤال: (هل إذا وعدت وعدا، ووفيت بجزء منه، يعتبر ذلك وفاء به)؟
على سبيل المثال: إذا وعدت بألا أشاهد الأفلام، ولم أشاهد إلا أفلام الرعب. هل يعتبر ذلك وفاء بالوعد؟
أو وعدت ألا أشاهد التلفاز، ولم أشاهد إلا المسلسلات. هل يعتبر ذلك وفاء بالوعد؟
هذا على سبيل المثال، لأصل الفكرة.
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن المعتبر في هذا هو نيتك، فإن كنت نويت البعد عن النظر في جميع الأفلام والقنوات، فلا يتم وعدك إلا بترك الجميع. وإن كنت نويت ما كان مثيرا، أو عابثا، فلا حرج في نظر المفيد. وإن لم تكن هناك نية، فينبغي النظر في السبب الحامل لك على الوعد، كما ينظر في النية والسبب عند الحلف، فإن كان الباعث على الوعد، هو تحفظك من النظر للحرام -وهذا هو ما نظنه بك- فإن نظر ما سلم من الحرام لا حرج فيه، ولا يعتبر ناظره تاركا لوعده، فإن بساط القول يدل على أنه غير مراد، والمراد بالبساط عند الفقهاء هو: السبب الباعث على اليمين، وهو من مخصصات الألفاظ التي تخصص بها اليمين.
ففي الشرح الكبير للشيخ أحمد الدردير عند قول خليل: ثم بساط يمينه ...

قال: ثم إن عدمت النية، أو لم تضبط، خصص اليمين وقيد بالبساط، وهو السبب الحامل على اليمين، إذ هو مظنة النية، وليس هو انتقالا عنها، ومثلوا لذلك بمن أراد أن يشتري شيئا، فوجد عليه الزحام، فحلف ألا يشتريه في ذلك اليوم، وبعد قليل خفت الزحمة، أو وجده في مكان آخر لا زحام فيه، فاشتراه، فإنه لا يحنث؛ لأن السبب الذي حمله على اليمين هو الزحام، وقد زال. اهـ.

وقال ابن عبد البر في الكافي: الأصل في هذا الباب مراعاة ما نوى الحالف، فإن لم تكن له نية، نظر في بساط قصته وما أثاره على الحلف، ثم حكم عليه بالأغلب من ذلك في نفوس أهل وقته. اهـ.

وقال ابن القيم في إعلام الموقعين، بعد أن ذكر أقوال العلماء، ونقل نصوصهم الدالة على اعتبار البساط: والمقصود أن النية تؤثر في اليمين تخصيصا وتعميما، والسبب يقوم مقامها عند عدمها، ويدل عليها فيؤثر ما تؤثره، وهذا هو الذي يتعين الإفتاء به، ولا يحمل الناس على ما يقطع أنهم لم يريدوه بأيمانهم. اهـ.

وقد تقدم لنا ذكر أقوال العلماء في حكم الوفاء بالوعد، في الفتوى رقم: 12729. والفتوى رقم: 160087، ورقم: 169079.

ولكنه يتعين التنبه إلى أن من كان وعده على ترك النظر المحرم، يجب عليه الوفاء بذلك من باب البعد عن المحرمات؛ لما في الحديث: ما نهيتكم عنه فاجتنبوه. رواه مسلم.
وقد بينا تحريم النظر لأفلام الرعب، والمسلسلات التي تشتمل على الموسيقى، ورؤية صور النساء، وراجع هاتين الفتويين: 270817 207775.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني