السؤال
كما هو معلوم فإن القتل هو أعظم ذنب، وهناك فتوى في هذا الموقع تقول بأن مفسدة اللواط قد تكون أكبر من مفسدة القتل، وأنا متفق معكم في هذا، لأن فيه فناء للبشرية، ولكن إذا كانت مفسدته أعظم من القتل، فلماذا لا يكون أعظم من القتل؟ أم عظم الذنب يكون على حسب الأحوال والظروف؟.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء هل الزنا أكبر أم القتل؟ والأصح أن القتل أكبر من الزنا، ثم اختلفوا هل الزنا أكبر أم اللواط؟ والأصح أن اللواط أكبر من الزنا، قال ابن حجر المكي: تَنْبِيهٌ: عَدُّ الزِّنَا هُوَ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ، بَلْ مَرَّ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّهُ بِحَلِيلَةِ الْجَارِ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ، وَقِيلَ الزِّنَا مُطْلَقًا أَكْبَرُ مِن الْقَتْلِ، فَهُوَ الَّذِي يَلِي الشِّرْكَ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ الَّذِي يَلِي الشِّرْكَ هُوَ الْقَتْلُ، ثُمَّ الزِّنَا، وَأَفْحَشُ أَنْوَاعِهِ الزِّنَا بِحَلِيلَةِ الْجَارِ، قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ: وَالزِّنَا أَكْبَرُ مِن اللِّوَاطِ، لِأَنَّ الشَّهْوَةَ دَاعِيَةٌ إلَيْهِ مِن الْجَانِبَيْنِ، فَيَكْثُرُ وُقُوعُهُ وَيَعْظُمُ الضَّرَرُ بِكَثْرَتِهِ، أَيْ وَلِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا اخْتِلَاطُ الْأَنْسَابِ، وَقَدْ يُعَارِضُهُ مَا يَأْتِي أَنَّ حَدَّهُ أَغْلَظُ؛ بِدَلِيلِ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَآخَرِينَ بِرَجْمِ اللُّوطِيِّ وَلَوْ غَيْرَ مُحْصَنٍ بِخِلَافِ الزَّانِي، وَبِدَلِيلِ مَا يَأْتِي أَيْضًا أَنَّ جَمَاعَةً آخَرِينَ شَدَّدُوا فِي حَدِّ اللُّوطِيِّ مَا لَمْ يُشَدِّدُوا بِهِ فِي حَدِّ الزِّنَا. انتهى.
وكلام ابن القيم ـ رحمه الله ـ ليس صريحا في كون اللواط أعظم من القتل، فإنه قال: ليس في المعاصي مفسدة أعظم من هذه المفسدة، وهي تلي مفسدة الكفر، وربما كانت أعظم من مفسدة القتل. انتهى.
فقوله هذا يدل على أنه غير جازم بترجيح اللواط في المفسدة على القتل، وبكل حال فقد تكون مفسدة اللواط أعظم من وجه، ومفسدة القتل أعظم من وجه آخر، والحاصل أن القتل أعظم إثما من اللواط على الأصح، وأن اللواط أعظم إثما من الزنا كما مر.
والله أعلم.