السؤال
أنا فتاة، أبلغ من العمر 19 سنة، وأنا متحجبة، وأصلي والحمد لله، وأريد أن أتدين، ولكن هناك وساوس في داخلي هي أن أتطاول على الله دون قصد، ولكن عندما تأتيني هذه الوساوس أتضايق وأخاف أني قد أخرج عن ملة محمد صلى الله عليه وسلم أو أشركت.
أرجو منكم أن تعطوني النصيحة.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإننا -أولاً- نشكر السائلة على نيتها الحسنة في كونها تريد أن تتدين، أي تستقيم على طاعة الله -عزَّ وجلَّ-، إلا أن النية لا بد أن يتبعها العمل، فإذا تبع العملُ النيةَ كانت هذه النية صادقة صالحة، ورجا صاحبُها الثواب من الله -عزَّ وجلَّ-.
وأما بالنسبة للوسوسة التي يلقيها الشيطان في قلب العبد، فإن الله -عزَّ وجلَّ- أخبرنا في كتابه عن عداوة الشيطان للإنسان، فقال -عزَّ وجلَّ-: إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ [يوسف: 5]، وهذا العدو المبين يحاول جاهدًا أن يضل الإنسان ليكون رفيقًا له في جهنم والعياذ بالله. قال تعالى: إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ [فاطر: 6]. ومع هذا كله، فإن كيد هذا العدو المبين كيد ضعيف، كما قال تعالى: إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً [النساء: 76].
وإذا استعان العبد بالله -عزَّ وجلَّ-، وتوكل عليه في دفع هذه الوساوس، فإنه سيتغلب عليها بإذن الله، وننصح الأخت السائلة بأن تدفع هذه الوساوس بالأمور التالية:
1- الاستعاذة بالله عند ورود هذه الوساوس. قال تعالى: وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [الأعراف:200]، وقال تعالى: وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ [المؤمنون:97].
2- أن تقول عند ورود الوساوس: هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {الحديد: 3}.
فقد روى أبو داود عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: إذا وجدت في نفسك شيئا، فقل: هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.
3- الاشتغال بما يعين على طرد هذه الوساوس مثل سماع الأشرطة والمحاضرات النافعة، ولتعلمي أن النفس إذا كرهت هذه الوساوس وأبغضتها وأبتها، كان هذا دليلا على صحة الإيمان. فقد روى مسلم وغيره عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: أن أناسا جاءوا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم، فقال: ذاك صريح الإيمان.
والمعنى أن هذه الكراهية لهذه الوساوس والخوف من التكلم بها، يدل على صحة الإيمان وصريحه، وليس المعنى أن الوسوسة هي صريح الإيمان، بل الوسوسة من الشيطان.
وأخيرًا؛ اقرئي سورة الناس، فإنك سيذهب عنك هذا الوساوس بإذن الله.
والله أعلم.