السؤال
أنا أعمل سمسار عقارات، وأنهيت بيعة من فترة قصيرة، لكن البائع أعطاني نصف مستحقاتي المتفق عليها سلفًا، فطلبت العوض من الله، مع أنني كنت بحاجة شديدة للمال؛ لأدفع مصاريف جامعة أخي، واقترح عليّ أحد أصدقائي أن أعمل معه في تنظيم الحفلات، وأن أستثمر هذا المال بها؛ لأن لديّ خبرة مسبقة في هذا المجال، فقد نظّمت عدة حفلات عندما كنت أعمل في الأنشطة الطلابية، فأستطيع تعويض باقي عمولتي في فترة قليلة، فيتوفر لي المال لدفع مصاريف الجامعة، وحدثت مشكلة في البيعة، وهناك احتمالية لإلغاء الاتفاق، وفي هذه الحالة لن أقبل بمال حرام، ويجب إرجاع المال للبائع، وأنا محتاج للمال من أجل جامعة أخي، وفي نفس الوقت لديّ مشاكل، ولن أستطيع المواظبة في العمل في الفترة القادمة، فما حكم تنظيم الحفلات؟ مع العلم أنه لا يوجد أي خمور، وهل يصح أن أؤخر مال الرجل، وأستثمره مع صديقي، أو في أي مشروع آخر بعد موافقة الرجل على التأخير؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كانت الحفلات لغرض مباح، وخالية من المنكرات، فلا حرج عليك في العمل في تنظيمها، والتكسب منها.
وأمّا الحفلات التي تقام لغرض محرم، أو تشتمل على محرم؛ كالخمر، أو الرقص، والمعازف، ونحو ذلك، فلا يجوز لك العمل في تنظيمها؛ لما فيه من الإعانة على الإثم.
واعلم أنّ أجرة السمسرة التي حصلت لك من الصفقة التي أتممتها، لا تسقط بفسخ البيع، إن كان حصل بالتراضي بينهما دون سبب معتبر، كعيب في المبيع.
وإذا كان الفسخ قد حصل بسبب معتبر، كعيب في المبيع، ففي استحقاقك الأجرة خلاف بين أهل العلم، والأحوط في هذه الحال أن ترد ما أخذته من الأجرة، جاء في كتاب أحكام الوساطة التجارية: إذا فسخ العقد المتوسط فيه، فلا يخلو إما أن يكون فسخه باختيار المتعاقدين، أو بسبب معتبر، فإن كان الفسخ باختيار العاقدين؛ كالفسخ بالإقالة، فلا تسقط أجرة الدلال؛ لأن أجرته استقرت بانتهاء عمله، والفسخ لم يكن بسبب سابق للعقد، فلا تسقط أجرته.
أمّا إن كان الفسخ بسبب معتبر، كوجود عيب ترد به السلعة، أو تبين أن لها مستحقًّا آخر، ونحو ذلك، فللفقهاء في حكم أجرة الوسيط قولان: قول بعدم استحقاقه للأجرة، ويردها إن كان قد أخذها، وقول باستحقاقه أجره، ويطالب به إن لم يكن أخذه. اهـ
وجاء في مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى: وَمَنْ أَخَذَ شَيْئًا بِسَبَبِ عَقْدِ بَيْعٍ، وَنَحْوِهِ، كَدَلَّالِ، وَكَيَّالٍ، وَوَزَّانٍ، فَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي "النَّظَرِيَّاتِ": إنْ فُسِخَ بَيْعٌ بِنَحْوِ إقَالَةٍ مِمَّا يَقِفُ عَلَى تَرَاضٍ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، كَشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُمَا، ثُمَّ يَفْسَخَانِ الْبَيْعَ، لَمْ يَرُدَّهُ، أَيْ: الْمَأْخُوذُ؛ لِلُزُومِ الْبَيْعِ، وَإِلَّا يَقِفُ الْفَسْخُ عَلَى تَرَاضِيهِمَا، كَفَسْخٍ لِعَيْبٍ، يَرُدُّهُ، أَيْ: الْمَأْخُوذُ بِسَبَبِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ مُتَرَدِّدًا بَيْنَ اللُّزُومِ وَعَدَمِهِ. اهـ.
فإذا وجب عليك رد الأجرة، فلا يجوز لك تأخير ردها، واستثمارها، لكن إذا أذن لك صاحبها في التأخير، فلا حرج عليك حينئذ في استثمارها في المباحات، وراجع الفتوى رقم: 179433.
والله أعلم.