السؤال
كنت أعمل في شركة سياحة، وكنا نكذب ونتحايل على العملاء؛ حتى يدفعوا لنا، ولم أكن أعرف أن هذا حرام، وكنت آخذ نسبة من المبلغ المدفوع للشركة، وكنت أتصدق من المال، وأخرج زكاة المال. والحمد لله، لقد منَّ عليَّ الله بالهداية، وتركت العمل، وقبل أن أتركه كنت طلبت من بعض العملاء أن يسامحوني، ولم أقل لهم حقيقة الأمر. هل المال الذي جمعته حرام؟ وهل أتصدق عن العملاء، ولو هو بالفعل حرام؟ ما الذي أفعله كي أطهر هذا المال؟
أرجو الرد للضرورة.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمن أخذت ماله بالباطل كذبا وخداعا، فالواجب عليك رده إليه، أو التحلل منه ليبرئك من حقه؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: لا يحل لامرئ من مال أخيه شيء إلا ما طابت به نفسه. رواه أحمد والدار قطني والحاكم والبيهقي، وجوَّد إسناده الدار قطني والزيلعي وابن حجر وحسنه البيهقي. وقوله -صلى الله عليه وسلم- أيضا: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. أخرجه الترمذي.
وقوله : من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه، أو شيء، فليتحلله منه اليوم، قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات، أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه. رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه.
وما ذكرته من التحلل العام من العملاء الذين أخذت منهم بعض المال بالحيلة لا يكفي، بل لا بد من تفصيل الحق الذي تريدين منهم أن يسامحوك فيه، وتذكرين لهم المال الذي أخذتِه، كما قال صاحب مطهرة القلوب في شروط التوبة:
وشرطها استحلاله للآدمي من حقه الظاهر غير الحرمي .
ونحوه إن تستطع تحلله منه ولا بد من أن تفصله.
وإن كنت لا تستطيعين الوصول إلى أصحاب الحق، وتعرفين مقدار ما أخذته ظلما وخداعا، فأخرجي قدره، وتصدقي به عن أصحابه، ولو جهلت قدر ذلك الحق، فاحتاطي حتى تخرجي ما يغلب على ظنك براءة ذمتك به؛ لقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن: 16]
والله أعلم.