السؤال
ما حكم توجيه القاضي اليمين للملحد الذي لا يؤمن بوجود الخالق، وفي حال المشروعية ماهي الصيغة لذلك، وفي حال عدم المشروعية كيف يمكن التعامل معه في حال عدم وجود بينة لدى المدعي ؟
ما حكم توجيه القاضي اليمين للملحد الذي لا يؤمن بوجود الخالق، وفي حال المشروعية ماهي الصيغة لذلك، وفي حال عدم المشروعية كيف يمكن التعامل معه في حال عدم وجود بينة لدى المدعي ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية نقرر أن طلب اليمين - سواء عند القاضي أو غيره - لا تكون إلا بالله تعالى على أية حال، قال ابن قدامة في المغني: إذا ثبت هذا، فإن اليمين في حق المسلم والكافر جميعا بالله تعالى، لا يحلف أحد بغيره؛ لقول الله تعالى: {فيقسمان بالله}. ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من كان حالفا، فليحلف بالله أو ليصمت». اهـ.
وهذا يشمل الملحد ومن لا يعتقد بوجود الله تعالى! جاء في حاشية ابن عابدين: (والوثني بالله تعالى) لأنه يقر به وإن عبد غيره، وجزم ابن الكمال بأن الدهرية لا يعتقدونه تعالى. قلت: وعليه؛ فبماذا يحلفون؟ اهـ.
وهذا الإشكال أو السؤال من ابن عابدين أجاب عنه ابنه علاء الدين في تكملة حاشية أبيه (قرة عين الأخيار) فقال: قلت: يحلفون بالله تعالى؛ لما في معراج الدراية عن المبسوط: الحر والمملوك والرجل والمرأة والفاسق والصالح والكافر والمسلم في اليمين سواء؛ لأن المقصود هو القضاء بالنكول، وهؤلاء في اعتقاد الحرمة في اليمين الكاذبة سواء. اهـ.
وأما فائدة تحليفه بما لا يعتقده، فبيَّنها القاضي شهاب الدين ابن أبي الدم الشافعي في كتابه (أدب القضاء 1 / 553 ، 554) حيث قال: إن كان الحالف دهريا لا يعتقد خالقا ولا معبودا، أحلفه بالله الخالق الرازق. فإن قيل: فهو لا ينزجر بها فما الفائدة؟ قلنا: فيه فائدتان: إحداهما: إجراء حكمنا عليهم، قال الله: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ}. والثانية: أن يزاد بها إثما، ويدركه شؤمها، فربما يتعجل بها انتقام. اهـ.
ونقل ذلك عنه بمعناه الأستاذ الدكتور محمد رأفت عثمان في كتابه (النظام القضائي في الفقه الإسلامي) تحت عنوان: هل يحلف القاضي من لا يعتقد بوجود الله تعالى؟ ثم ختمه بقوله: وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يمين الغموس تدع الديار بلاقع. اهـ.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني