السؤال
بالنسبة لضلالات الصوفية والمتصوفة، واعتقاد الكثير منهم في أن الأولياء يستطيعون التصرف في الكون.
لا أشك في كون هذا كذبا وشركا، ولكن لتتم عقيدتي وتنظف من الشرك. أريد أن أعرف هل يمكن لله أن يستدرج الذين يدعون أنهم يقولون للشيء كن فيكون، يعني عندما يقول أحدهم لشيء ما: كن، يمكن أن يخلق الله له هذا الشيء؛ ليستدرجهم، كما يستدرج الذين يدعون المطر؟ أم كيف تكون الخدعة هنا؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نقل بعض العلماء الإجماع على أن السحرة لا يبلغ تأثيرهم إلى إحياء الموتى، وفلق البحر، فمن باب أولى ألا يبلغ أحد من المشعوذين درجة أن يقول للشيء كن فيكون!
جاء في أضواء البيان للأمين الشنقيطي: اعلم أن العلماء اختلفوا في تحقيق القدر الذي يمكن أن يبلغه تأثير السحر في المسحور، واعلم أن لهذه المسألة واسطة وطرفين:
طرف لا خلاف في أن تأثير السحر يبلغه كالتفريق بين الرجل وامرأته، وكالمرض الذي يصيب المسحور من السحر ونحو ذلك.
وطرف لا خلاف في أن تأثير السحر لا يمكن أن يبلغه كإحياء الموتى، وفلق البحر ونحو ذلك.
قال القرطبي في تفسيره: أجمع المسلمون على أنه ليس في السحر ما يفعل الله عنده إنزال الجراد، والقمل، والضفادع، وفلق البحر، وقلب العصا، وإحياء الموتى، وإنطاق العجماء، وأمثال ذلك من عظيم آيات الرسل عليهم الصلاة والسلام. فهذا ونحوه مما يجب القطع بأنه لا يكون لا يفعله الله عند إرادة الساحر. قال القاضي أبو بكر بن الطيب: وإنما منعنا ذلك بالإجماع، ولولاه لأجزناه. انتهى كلام القرطبي.
وأما الواسطة فهي محل خلاف بين العلماء، وهي هل يجوز أن ينقلب بالسحر الإنسان حمارا مثلا، والحمار إنسانا؟ وهل يصح أن يطير الساحر في الهواء، وأن يستدق حتى يدخل من كوة ضيقة. وينتصب على رأس قصبة، ويجري على خيط مستدق، ويمشي على الماء، ويركب الكلب ونحو ذلك.
فبعض الناس يجيز هذا. وجزم بجوازه الفخر الرازي في تفسيره، وبعضهم يمنع مثل هذا.
قال مقيده- عفا الله عنه وغفر له -: أما بالنسبة إلى أن الله قادر على أن يفعل جميع ذلك، وأنه يسبب ما شاء من المسببات على ما شاء من الأسباب وإن لم تكن هناك مناسبة عقلية بين السبب، والمسبب، كما قدمناه مستوفى في سورة «مريم» فلا مانع من ذلك، والله جل وعلا يقول: وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله [2 102].
وأما بالنسبة إلى ثبوت وقوع مثل ذلك بالفعل، فلم يقم عليه دليل مقنع؛ لأن غالب ما يستدل عليه به قائله حكايات لم تثبت عن عدول، ويجوز أن يكون ما وقع منها من جنس الشعوذة، والأخذ بالعيون، لا قلب الحقيقة مثلا إلى حقيقة أخرى.
وهذا هو الأظهر عندي. اهـ.
وعلى كل: فإن الذي ينبغي أن تعلمه هو: أن خوارق العادات قد تحصل للمشركين والفجار استدراجا لهم، ومكرا من الله بهم، وليس حصول الخوارق على أيديهم دليلا على صلاحهم وولايتهم لله.
وراجع في بيان هذا الفتاوى: 345502 - 32634 - 118569- 65441.
والله أعلم.