السؤال
نحن زوج وزوجة مسلمان ومقيمان بالسويد. أنا أريد الخلع. اتصلت بالرابطة الإسلامية بالسويد، وسألت كيف الخلع في السويد؟ أجابني رئيس الرابطة الإسلامية أن أتقدم أنا أو زوجي -لا فرق- أينا يتقدم بالمعاملة -بمعاملة طلاق- في المحاكم السويدية، وهي تأخذ فترة ستة أشهر هنا قبل البت فيها؛ لأن هناك أطفالا في الصورة، فإذا تمسكت أنا الزوجة برغبتي في الانفصال بعد مرور الستة أشهر، ولم يمسني الزوج خلال هذه الفترة، ثم حكمت المحكمة بالطلاق بعد مرور هذه المدة، فهذا الحكم يؤخذ به، وهو بمثابة الخلع في السويد.
ثم جاء أخ، وقال إنه لا يجوز الأخذ بهذه الفتوى؛ لأن المحاكم السويدية ليست بمحاكم إسلامية شرعية، والقاضي ليس بمسلم، ولا يجوز لهم البت في مسائل المسلمين، ولا يجوز الأخذ بأحكامهم.
لذلك يجب التوجه إلى أيِّة محكمة إسلامية شرعية بأيَّة دولة عربية، والتقدم بطلب الخلع لديهم، ثم هم يطلبون التواصل بالزوج في السويد عن طريق السفارات للحديث معه، وهكذا حتى تكتمل إجراءات الخلع المعتادة.
إن مدة الخلع عن طريق المحاكم الشرعية والسفارات تطول، وتأخذ سنين قبل البت فيها. والأزواج هنا بالدول الغربية قد يماطلون، ويرفضون التواصل مع المحاكم الشرعية، والرد عليها بغرض الانتقام، والإضرار بالزوجة، فيذروا الزوجات معلقات. إحدى الأخوات هنا جلست ثلاث سنوات بالمحاكم قبل أن تحكم لها المحكمة بالخلع.
فسؤالي: هل آخذ بحكم المحاكم السويدية، كما أفتى رئيس الرابطة الإسلامية بالسويد؟ أم يجب التوجه للمحاكم الشرعية بالدول العربية؟
أفتونا، جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي نراه؛ ما أخبركم به رئيس الرابطة، أنّه لا يلزمكم الرجوع للمحاكم الشرعية في بلد آخر، وأنّه يكفي أن ترجعوا للمحكمة الوضعية في بلد إقامتكم، وبعد إنهاء الإجراءات القانونية، ترجعون للمركز الإسلامي لإنهاء الزواج شرعًا، فهذا ما نفتي به بناءً على بيان لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا، جاء فيه:
المحور السابع: مدى الاعتداد بالطلاق المدني الذي تجريه المحاكم خارج ديار الإسلام:
بين القرار أنه إذا طلق الرجل زوجته طلاقا شرعيا فلا حرج في توثيقه أمام المحاكم الوضعية، أما إذا تنازع الزوجان حول الطلاق فإن المراكز الإسلامية تقوم مقام القضاء الشرعي عند انعدامه بعد استيفاء الإجراءات القانونية اللازمة، وأن اللجوء إلى القضاء الوضعي لإنهاء الزواج من الناحية القانونية لا يترتب عليه وحده إنهاء الزواج من الناحية الشرعية، فإذا حصلت المرأة على الطلاق المدني، فإنها تتوجه به إلى المراكز الإسلامية، وذلك على يد المؤهلين في هذه القضايا من أهل العلم لإتمام الأمر من الناحية الشرعية، ولا وجه للاحتجاج بالضرورة في هذه الحالة لتوافر المراكز الإسلامية، وسهولة الرجوع إليها في مختلف المناطق. انتهى.
وقد جاء في بحث مقدم للمجلس الفقهي الإسلامي في أمريكا الشمالية، من د. محمد قطناني إمام المركز الإسلامي لمقاطعة باسيك، ورئيس معهد المنارة للدراسات الإسلامية والعربية:
... فإن لم يُجد الأمر بالإصلاح، طلب الإمام من الزوج أن يطلقها، فإن رفض فيوجه المرأة إلى أن ترفع أمرها للقضاء المدني لتحصل على الطلاق، وعلى حقوقها الشرعية والمدنية، ثم بعد ذلك يقوم بإخراج وثيقة طلاق شرعية بمقتضى الضرر الذي ثبت عند القاضي المدني، وحصول الطلاق المدني، فيقضي بالطلاق الشرعي تبعا لذلك.
وتكييف ذلك أن الإمام ليس عنده سلطة التطليق الشرعي فضلا عن المدني، فإذا تيقن من أن للزوجة حق الطلاق للضرر وغيره، ورفض الزوج الطلاق، أو كان غائبا، وجهها الإمام إلى القضاء المدني لتحصل على الطلاق المدني، ومن ثَمَّ يكون عنده مجال للتطليق الشرعي، وتحقيق العدالة، ودفع الضرر عنها. انتهى.
والله أعلم.