السؤال
آخذ بوجوب تسوية الصفوف في الصلاة، وفي هذه الجائحة توجد فراغات بين الصفوف، فبعضهم يكون كعبه غير موازٍ لكعبي قليلًا، فيكون متقدمًا أو متأخرًا من 3 إلى 5 سنتيمترات، فتقدّم عليّ شخص في صلاة العصر، وكانت عادتي أن أشير له بالتأخر قليلًا، لكني ظننت أنه سيعتدل في الركعة التي بعدها، فلم أشر إليه، وبعدها فكّرت أنني ربما قمت بفعل غير مشروع، وحركة زائدة، وأنه لا يجب التوازي هنا؛ فلم أشر له؛ حتى أسأل مفتيًا، فهل عليَّ ذنب لأني لم أشر له على القول بالوجوب؟ وهل يؤثر ذلك على صحة الصلاة عند من يبطل الصلاة؛ لفعل التحريم الخاص بالعبادة؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنشكر لك تواصلك معنا، لكنك أكثرت جدًّا من الأسئلة؛ مما يدل على وسوسة وتعمّق وتكلّف، فننصحك بالإعراض عن الوساوس، وتجاهلها، وترك التشاغل بها، وهذا السؤال ظاهر أنه نابع من الوسوسة.
وعلى كل؛ فالراجح عندنا هو أن تسوية الصفوف مستحبة، وليست واجبة، كما هو مذهب عامة العلماء -كما سبق في الفتوى: 420427.
ومن ثم؛ فلا إشكال في أنه لا إثم في عدم تنبيهك لمن أخلّ بتسوية الصف، وأحرى أن الصلاة لا تبطل بذلك.
ثم إن تنبيه المصلي لمن بجواره على تسوية الصف أثناء الصلاة مشروع؛ لأنه حركة لمصلحة الصلاة، كما سبق في الفتوى: 2197.
ولم نطلع على قول لأحد من أهل العلم يرى وجوب تنبيه من أخلّ بالتسوية أثناء الصلاة.
وعلى افتراض أن هناك من يقول به، فلا يعني ذلك أن من لم يفعل فصلاته باطلة، بل إن القائلين بوجوب التسوية لا يرون أن من أخل بها تبطل صلاته، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: ومع القول بأن التسوية واجبة، فصلاة من خالف ولم يسوِّ صحيحة؛ لاختلاف الجهتين. انتهى.
وقال العيني في عمدة القاري شرح صحيح البخاري: التسوية واجبة بمقتضى الأمر، ولكنها ليست من واجبات الصلاة بحيث إنه إذا تركها فسدت صلاته، أو نقصتها. غاية ما في الباب إذا تركها يأثم. انتهى.
وعليه؛ فصلاتك صحيحة في جميع الأحوال.
وأما فيما يتعلق بالإثم؛ فلا تأثم بعدم التنبيه، على قول الجمهور القائلين باستحباب التسوية، وهو الراجح لدينا- كما تقدم-، ويسعك أن تأخذ به.
أما على قول من يرى وجوب التسوية، فقد ذكرنا أننا لا نعلم أحدًا منهم قال بوجوب التنبيه أثناء الصلاة.
والله أعلم.