السؤال
لقد تاجرت في الحسابات في موقع الانستقرام، حيث كنت آخذ أسماء حسابات لم تؤخذ من قبل، ومتاحة للكل. وأسجلها، وأبيع اسم الحساب المميز.
لا أسرق، بل إنني أنا من صنعت الحسابات، ولكن سمعت أن بيعها حرام إذا كان صاحب الحق (شركة الانستقرام) لا يسمح ببيع الحسابات. وبالفعل شركة الانستقرام تمنع مثل هذا البيع. وبعد أن عرفت هذا، توقفت عن البيع، حيث إنني لم أكن أعلم من قبل أنه حرام.
فما حكم المال الذي جنيته من بيع هذه الحسابات؟ هل المال حرام؟ هل يجب أن أتبرع بالمال كله؟ أو هل يمكن أن أخرج منه صدقة أو كفارة أو نسبة من المال؛ لأنه مبلغ كبير بالنسبة لي؟
شكرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنشاء حساب مميز بأحد مواقع التواصل، وبيعه لمن يرغب فيه، مع منع الجهة المالكة للموقع من ذلك. لا يجوز؛ لأن أصحاب الموقع إنما أذنوا في الانتفاع بالحسابات لمن يرغب فيها. وفرق بين الإذن في الانتفاع، وبين تمليك المنفعة.
قال البقوري في اختصاره لفروق القرافي: اعلم أن تمليك الانتفاع نريد به أن يباشر هو بنفسه فقط، وتمليك المنفعة أعم وأشمل، فيباشر بنفسه، ويمكن غيره من الانتفاع بعوض كالإجارة، وبغير عوض كالعارية. انتهى.
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية، عند الكلام عن الإعارة ما يلي: الانتفاع: هو حق المنتفع في استعمال العين واستغلالها، وليس له أن يؤاجره، ولا أن يعيره لغيره.
والمنفعة: أعم من الانتفاع؛ لأن له فيها الانتفاع بنفسه وبغيره، كأن يعيره أو يؤاجره. انتهى.
وبالتالي، فهذا التصرف يخالف شرط الموقع، وفيه غش وخداع. وفي الحديث الذي أخرجه مسلم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من غش فليس مني. وأخرج الطبراني أيضاً: من غشنا فليس منا، والمكر والخداع في النار.
والذي يظهر -والله أعلم- أن ما كسبته من المال من بيع تلك الحسابات، فيه تفصيل، وهو: أن الموقع إن كان يستبقي الحسابات المميزة ليبيعها هو، وقد فوتَّ عليه تلك المنفعة، فله بقدر ما فوتَّ عليه من حقه؛ لأن هذا من الملكية الفكرية التي يجب احترامها وعدم الاعتداء عليها.
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي، في دورة مؤتمره الخامس بشأن الحقوق المعنوية: والتأليف والاختراع، أو الابتكار هي حقوق خاصة، لأصحابها، أصبح لها في العرف المعاصر قيمة مالية معتبرة لتمول الناس لها، وهذه الحقوق يعتد بها شرعاً، فلا يجوز الاعتداء عليها. اهـ.
وإن كان الموقع لا يبيع الحسابات المميزة، وإنما يمنع ذلك على المشتركين فحسب، ولا يريد عوضا ماليا عنه، فلا يجوز تجاوز ما أذن فيه من الانتفاع.
ومن خالف ذلك واكتسب منه، فما اكتسبه يتخلص منه بدفعه للفقراء والمساكين؛ لأنه اكتسبه بطريق غير مشروع. وإن كان فقيرا محتاجا، فله أن يأخذ بقدر حاجته.
والله أعلم.