السؤال
أنا مبتلاة بالإفرازات المستمرة، وأقوم بالوضوء لكل صلاة، ولكن أحيانا وأنا أصلي -في أثناء صلاتي- أسمع أذان الصلاة الأخرى، وبذلك يكون دخل الوقت على الصلاة هذه.
مثال: أصلي الظهر، وفي أثناء صلاتي للظهر أذن العصر. فهل بذلك يكون دخل الوقت، ويجب أن أقطع هذه الصلاة (صلاة الظهر)؛ لأنه دخل علي الوقت، وأعيد الوضوء لها؟ أم لا؟
وهل يستوي الحكم في ذلك للمبتلاة بكثرة الإفرازات مع حكم المبتلى بكثرة الريح، والمستحاضة؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد تعددت أقوال الفقهاء في دائم الحدث؛ كالمستحاضة، ومن به سلس إذا خرج الوقت وهو يصلي؛ هل يلزمه إعادة الوضوء والصلاة؛ لكون الطهارة بطلت بخروج الوقت أم لا؟
فمنهم من قال تبطل طهارته، ويلزمه استئناف الوضوء والصلاة؛ لأن الطهارة تبطل بخروج الوقت.
قال الكاساني الحنفي في بدائع الصنائع: وَلَوْ تَوَضَّأَتْ مُسْتَحَاضَةٌ وَدَمُهَا سَائِلٌ، أَوْ سَالَ بَعْدَ الْوُضُوءِ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ، ثُمَّ خَرَجَ الْوَقْتُ وَهِيَ فِي الصَّلَاةِ، فَعَلَيْهَا أَنْ تَسْتَقْبِلَ، لِأَنَّ طَهَارَتَهَا تُنْتَقَضُ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ لِمَا بَيَّنَّا، فَإِذَا خَرَجَ الْوَقْتُ قَبْلَ الْخُرُوجِ مِن الصَّلَاةِ انْتَقَضَتْ طَهَارَتُهَا، فَتُنْتَقَضُ صَلَاتُهَا، وَلَا تَبْنِي لِأَنَّهَا صَارَتْ مُحْدِثَةً عِنْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ ... انتهــى
وقال المرداوي الحنبلي في الإنصاف بعد تقرير بطلان التيمم بخروج الوقت ولو في الصلاة: وَكَذَا يَخْرُجُ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ إذَا خَرَجَ الْوَقْتُ وَهِيَ فِي الصَّلَاةِ. انتهى
وقال ابن قدامة: وخروج الوقت مبطل لهذه الطهارة... قال أحمد، في رواية أحمد بن القاسم: إنما أمرها أن تتوضأ لكل صلاة، فتصلي بذلك الوضوء النافلة والصلاة الفائتة، حتى يدخل وقت الصلاة الأخرى، فتتوضأ أيضا. وهذا يقتضي إلحاقها بالتيمم، في أنها باقية ببقاء الوقت. انتهى.
ومن العلماء من يرى أن الطهارة لا تبطل بخروج الوقت، فلا يلزم دائم الحدث أن يتوضأ، ويعيد الصلاة، إذا خرج الوقت وهو في الصلاة.
والقول الأول أحوط، وأبرأ للذمة، وقد بينا أقوال الفقهاء حول هذا في الفتوى: 170739. عن مذاهب العلماء في وقت بطلان طهارة صاحب السلس، ومثلها الفتوى: 115546.
وبينا أنه يجوز الأخذ بالأخف من عدم انتقاض الطهارة هنا, وذلك في الفتوى: 222979.
والله أعلم.