السؤال
يعملُ أَحَدُ المُمَرِّضِين في مُستشفى، ويقوم على المُناوبة ليلًا، ومُراقبة المرضَى. والقانون يُجبره على أنْ يقومَ بالكشف والمراقبة على المرضَى كلَّ ساعة.
وفي ليلة كانت هناك مريضَة، وهو مشرفٌ على علاجها ومراقبتها، وقال له زميله: اذهب للنَّوم، وأنا أقومُ بالسَّداد عنكَ، وتغطيتك في العمل. فذهبَ للنَّوم، واستغرق في النَّوم، وجاء ووجدَ المريضة قد تُوفيت -رحمها الله تعالى- وذلك بعد أكثر من ساعتين ونصف تقريبًا.
فبعدها قام المُستشفى بتشخيص المُتوفاة، ووجدوا أن سبب الوفاة: بلغم كثير، وكحة؛ ممَّا أدى إلى انقلاب المريضة مع السعال المُزمن، ولو حضر المُمرض عند سماع صوت المريضة في الوقت المُناسب، لغيَّرَ من الأمر علَى أقل تقدير، إمَّا بعلاج البلغم، أو تسوية جسمها على قدر المُستطاع. والأعمار بيد الله. لكن نفسه ودينه وضميره يُلاحقانِه طول حياته، ويعيش في كابوس لا يستطيع أنْ يُفارقه. أرجو مساعدته.
السُّؤال: ماذا يترتب عليْه شرعًا؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فطالما أن القانون يجبر الممرض على القيام بالكشف والمراقبة على المرضى كل ساعة، فلا يصح منه النوم، ولو قال له زميله: أنا أكفيك عملك!؛ لأنه أجير خاص، وليس مشتركا، فلا بد من قيامه بالعمل بنفسه، ولا يصح أن يستأجر، أو ينيب غيره للقيام بعمله، وانظر الفتوى: 279835.
فإذا نام فقد خالف شرط عمله، فإن حصل بسبب نومه تلف لأحد المرضى الذين تحت مسؤوليته، فهو ضامن؛ لمخالفة شرط عمله، والتسبب بالتلف.
قال الدكتور القره داغي في بحثه (الإجارة على منافع الأشخاص): اتفق الفقهاء على أن الأجير (سواء كان خاصا أم عاما ومشتركا) يضمن في حالات التعدي والتقصير ومخالفة الشروط. اهـ.
والتسبب كما يكون بالفعل، يكون بعدم الفعل، ومنه التسبب بالتقصير، ويسمى التسبب السلبي، وهو: أن يهمل الشخص القيام بعمل مطلوب منه، فيقع التلف. وإذا مات المريض بسبب هذا النوع من الإهمال أو التفريط، فعلى المفرط الضمان والكفارة.
وعلى ذلك، فإذا حكمت إدارة المستشفى، أو أهل الخبرة بأن وفاة هذه المريضة كان بسبب إهمال التمريض، وجب على المتسبب بالإهمال كفارة قتل الخطأ بصيام شهرين متتابعين، وتجب على عاقلته الدية لورثة المتوفى. والعاقلة هم العصبة، والقرابة من جهة الأب.
وراجع في ذلك الفتوى: 400786.
والله أعلم.