السؤال
أنا شاب ملتزم -بفضل الله-، عمري 27 سنة، حاصل على شهادة جامعية، لكني لم أعمل بها بعد، خطبت قريبة لي في مثل سني، ذات دِين وخلق عال، ووعدتها بالزواج بعد عامين من الخطبة، وقد كانت عندي تجارة خفيفة في بيع بعض المواد التجميلية، لكني تركتها بعدما سمعت أن فيها شبهة من حيث كونها مقلدة، وليست أصلية، ولما تحتويه من بعض المكونات المحرمة -كالكحول، وغيرها-، وكنت أحتسب ذلك لوجه الله، وأطمع أن يعوّضني الله خيرًا من تلك التجارة، وأن الزواج في حد ذاته يجلب الرزق.
ومرت عليّ الأيام، واجتهدت في البحث عن عمل آخر يناسبني، ولم أجد، وما زلت عاطلًا عن العمل، وقد عقدت على خطيبتي العقد الشرعي؛ لأنها ملَّت من طول الخِطبة، ولم أخبرها قبل العقد بأني عاطل عن العمل؛ أملًا في تحسن حالي باقتراب موعد الزواج، وقد اقترب موعد زواجي جدًّا، ولا أستطيع تأجيله؛ لئلا أخلف وعدي من جهة، ولئلا أضرّ بزوجتي من جهة أخرى؛ لأنها لا تحتمل الانتظار أكثر، وحالي الآن يسمح لي بالدخول بزوجتي مبدئيًّا، فلي شقة في بيت أهلي، لكني خائف من أن تطول المدة بعد الزواج وأنا عاطل عن العمل، فما توجيهكم، ونصيحتكم لنا؟ بارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يجزيك خيرًا على الحرص على الكسب الحلال الذي لا شبهة فيه، وحرصك أيضًا على النكاح، وإعفاف نفسك.
والمرجو أن يغنيك الله من فضله، وييسر لك أمر النكاح، فهو القائل سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق:2}، وثبت في مسند أحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنك لن تدع شيئًا اتقاء الله، إلا أعطاك الله خيرًا منه.
فاستعن بالله، وتضرّع إليه، وسله التوفيق، وابذل الأسباب في البحث عن العمل، مستعينًا بمن تثق بهم من أقربائك وأصدقائك.
والفقر ليس مانعًا شرعًا من النكاح، بل هو من أسباب الغنى، كما ثبتت بذلك نصوص الكتاب والسنة، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 7863.
فللفقير أن يقدم على النكاح؛ بشرط إخبار المرأة بذلك، كما بينا في الفتوى: 259816.
والأمر لهذه المرأة أن ترتضي إتمام النكاح، أو أن تطلب فسخه.
وأنت في خير كثير ما دام لديك المسكن الذي يمكنك أن تُسْكِن فيه زوجتك.
فإذا اجتهدت في البحث عن عمل، فلا نظن أنك تعدم سبيلًا تكتسب منه المال الذي تؤدّي به واجب النفقة.
والله أعلم.