السؤال
توفي والدي، وترك لنا بيتًا مكونًا من أربعة أدوار: كل دور فيه شقة واحدة، وقد قمت أنا بتشطيب شقة منها، وأسكن فيها في الوقت الحالي، وقام بعض إخوتي بإجراء بعض التشطيبات، علمًا أننا 3 إخوة و3 أخوات، ووالدتنا متوفاة، فكيف يتم تقسيم الميراث؟ وهل يتم إعطاء كل من قام بعمل تشطيبات ثمن هذه التشطيبات، ثم نقوم بتقسيم البيت، أم ماذا؟ وهذه التشطيبات قد مرّ على بعضها زمن تغيّرت فيه الأسعار، فهل نعطيه قيمة التشطيبات في الوقت الحالي، أم نقدر ما أنفقه من تشطيبات على الأسعار وقت التشطيب؟ جزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فكل الأدوار التي تركها والدكم -رحمه الله- هي تركة، تقسم بين كل الورثة القسمة الشرعية للميراث.
وليس للولد الذي قام بتشطيب الشقة، حق زائد عن حقوق بقية الورثة، ولا تكون الشقة التي قام بتشطيبها له.
وما أنفقه في تجهيز الشقة: إن كان هبة منه لأبيه، أو دفعه مقابل السماح له بالسكنى؛ فليس له المطالبة به.
وإن كان دفعه على أنه قرض منه لأبيه: فإن هذا يجري فيه كلام الفقهاء هل للولد مطالبة أبيه بدَينه؟ وإذا مات الأب هل يأخذ الولد دينه من التركة؟
قال ابن قدامة في المغني: وَلَيْسَ لِلْوَلَدِ مُطَالَبَةُ أَبِيهِ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ. وَبِهِ قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارَ، وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ: لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ ثَابِتٌ، فَجَازَتْ الْمُطَالَبَةُ بِهِ، كَغَيْرِهِ. اهـ.
وعلى قول الحنابلة بأنه لا يطالب أباه بالدَّين، فإنه إذا مات الأب، فللولد أن يأخذ دَينه من التركة، قال ابن قدامة: وَإِنْ مَاتَ الْأَبُ، رَجَعَ الِابْنُ فِي تَرِكَتِهِ بِدَيْنِهِ؛ لِأَنَّ دَيْنَهُ لَمْ يَسْقُطْ عَنْ الْأَبِ، وَإِنَّمَا تَأَخَّرَتْ الْمُطَالَبَةُ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ قَالَ: إذَا مَاتَ الْأَبُ، بَطَلَ دَيْنُ الِابْنِ. اهــ.
وإذا أخذ ذلك الدَّين من التركة، فإنه يأخذ ما أنفقه في تجهيز البيت.
ولا يقوّم تجهيزه بسعر جديد، وإنما يأخذ المبلغ الذي أنفقه؛ لأنه دَين يردّ بمثله. وانظر للفائدة الفتويين: 189443، 230680، في بيان مآل ما بناه الولد في أرض أبيه بعد وفاة الأب.
والله أعلم.