السؤال
ما حكم تأخير صلاة العصر يوم الجمعة إلى قبل المغرب بساعة مثلًا، لأن الدعاء في ذلك الوقت مستحب؟ وما حكم تأخير بقية الصلوات لنفس السبب، فإذا كنت أعلم أن السماء ستمطر في الساعة 3، فأؤخر الظهر إلى ذلك الوقت؟
ما حكم تأخير صلاة العصر يوم الجمعة إلى قبل المغرب بساعة مثلًا، لأن الدعاء في ذلك الوقت مستحب؟ وما حكم تأخير بقية الصلوات لنفس السبب، فإذا كنت أعلم أن السماء ستمطر في الساعة 3، فأؤخر الظهر إلى ذلك الوقت؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فليس هذا من السنة، بل السنة التبكير بصلاة العصر، وفعلها في أول وقتها مطلقًا؛ فقد كان هذا هدي النبي صلى الله عليه وسلم، قال ابن قدامة -رحمه الله-: وَأَمَّا الْعَصْرُ، فَتَعْجِيلُهَا مُسْتَحَبٌّ بِكُلِّ حَالٍ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَائِشَةَ، وَأَنَسٍ، وَابْنِ الْمُبَارَكِ، وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ... وَلَنَا مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَرْزَةَ، وَقَالَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ: كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْعَصْرِ، ثُمَّ يُنْحَرُ الْجَزُورُ، فَيُقْسَمُ عَشَرَةَ أَجْزَاءٍ، ثُمَّ يُطْبَخُ، فَيُؤْكَلُ لَحْمًا نَضِيجًا قَبْلَ مَغِيبِ الشَّمْسِ ـ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: صَلَّيْنَا مَعَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الظُّهْرَ، ثُمَّ خَرَجْنَا حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، فَوَجَدْنَاهُ يُصَلِّي الْعَصْرَ، فَقُلْنَا: يَا أَبَا عُمَارَةَ، مَا هَذِهِ الصَّلَاةُ الَّتِي صَلَّيْت؟ قَالَ: الْعَصْرُ، وَهَذِهِ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي كُنَّا نُصَلِّيهَا مَعَهُ ـ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ. وَعَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ أَبِي بُرَيْدَةَ فِي غَزْوَةٍ فِي يَوْمٍ ذِي غَيْمٍ، فَقَالَ: بَكِّرُوا الصَّلَاةَ لِلْعَصْرِ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ؛ حَبِطَ عَمَلُهُ ـ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: الْوَقْتُ الْأَوَّلُ مِنْ الصَّلَاةِ رِضْوَانُ اللَّهِ، وَالْوَقْتُ الْآخِرُ عَفْوُ اللَّهِ ـ يَرْوِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ، قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ. انتهى.
فإذا علمت هذا؛ فالدعاء في ساعة الجمعة، أو وقت المطر، لا يلزم أن يكون في صلاة، بل من صادف ساعة الإجابة يوم الجمعة -ولو لم يكن يصلي-؛ فدعاؤه مستجاب ـ إن شاء الله ـ فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: قُلْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ: إنَّا لَنَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ سَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُؤْمِنٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا شَيْئًا، إلَّا قَضَى لَهُ حَاجَتَهُ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَأَشَارَ إلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ بَعْضُ سَاعَةٍ، فَقُلْتُ: صَدَقْتَ، أَوْ بَعْضُ سَاعَةٍ، قُلْتُ: أَيُّ سَاعَةٍ هِيَ؟ قَالَ: آخِرُ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ النَّهَار، قُلْتُ: إنَّهَا لَيْسَتْ سَاعَةَ صَلَاةٍ؟ قَالَ: بَلَى، إنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إذَا صَلَّى، ثُمَّ جَلَسَ لَا يُجْلِسُهُ إلَّا الصَّلَاةُ، فَهُوَ فِي صَلَاةٍ. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.
وكذا يقال في الدعاء في المطر، ونحوه من مواطن الإجابة.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني