الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا تغتسل الحائض قبل التحقق من الطهر

السؤال

سؤالي هو: ما حكم ما يلي: تطهرت من الحيض، وقد أحسست بالجفاف، وقبل طهري كانت هناك كدرة، لكني اغتسلت ولم أهتم بها، وصليت وقرأت القرآن.
وفي اليوم التالي، صمت وصليت الفجر، ثم نزل منيّ دم غليظ، لا يبقى كثيرا في الغالب. هل هو حيض أو استحاضة؟
دائما في الأيام الأخيرة من الحيض أحس أنه انقطع، وبعد ساعات تنزل كدرة أو دم، وفي بعض الأحيان أنتظر حتى الجفاف التام. وهذا الأمر يقلقني كثيرا.
أتمنى أن تفيدوني. جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا اتصلت الصفرة والكدرة بالدم، فإنها تعد حيضا. وذلك لخبر عائشة -رضي الله عنها- أن النساء كن يبعثن إليها بالدرجة فيها الكرسف فيه الصفرة، فتقول: انتظرن، لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء.

قال ابن قدامة -رحمه الله- في كتابه المغني: فصل: وحكم الصفرة والكدرة حكم الدم العبيط، في أنها في أيام الحيض حيض، وتجلس منها المبتدأة كما تجلس من غيرها.

وإن رأتها بعد العادة متصلة بها، فهو كما لو رأت غيرها على ما بينا. وإن طهرت ثم رأت كدرة أو صفرة لم تلتفت إليها؛ لخبر أم عطية وعائشة. انتهى.
وهذا الجفوف إذا استمر لساعات دون اليوم، ثم عاد الدم، فإنه لا يعتبر طهرا -في المفتى به عندنا- كما هو قول جماعة من العلماء، وعللوا ذلك بأن عادة الدم أنه يجري وينقطع.

وهذا ما صححه ابن قدامة -رحمه الله- في المغني، حيث قال: وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ انْقِطَاعَ الدَّمِ مَتَى نَقَصَ عَن الْيَوْمِ، فَلَيْسَ بِطُهْرٍ، بِنَاءً عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي حَكَيْنَاهَا فِي النِّفَاسِ: أَنَّهَا لَا تَلْتَفِتُ إلَى مَا دُونَ الْيَوْمِ.

وَهُوَ الصَّحِيحُ إنْ شَاءَ اللَّهُ؛ لِأَنَّ الدَّمَ يَجْرِي مَرَّةً، وَيَنْقَطِعُ أُخْرَى، وَفِي إيجَابِ الْغُسْلِ عَلَى مَنْ تَطْهُرُ سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ، حَرَجٌ، يَنْتَفِي بِقَوْلِهِ: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78].

وَلِأَنَّنَا لَوْ جَعَلْنَا انْقِطَاعَ الدَّمِ سَاعَةً طُهْرًا، وَلَا تَلْتَفِتُ إلَى مَا بَعْدَهُ مِن الدَّمِ، أَفْضَى إلَى أَنْ لَا يَسْتَقِرَّ لَهَا حَيْضٌ ... اهـ.
وعليه؛ فقد أخطأت في استعجالك بالغسل والصلاة والصيام؛ لكون ذلك وقع منك وأنت في حكم الحائض؛ لعدم تحقق الطهر.

وإن كان ذلك اليوم الذي صمته هو من الصوم الواجب، فعليك أن تصومي يوما مكانه.

وأما الصلاة فليس عليك قضاؤها، وإنما تغتسلين بعد رؤية علامة الطهر من جفوف تام، أو نزول القصة البيضاء بعد انقطاع الدم وما يتصل به من إفرازات، سواء على شكل صفرة أو كدرة.

وللفائدة، انظري الفتويين: 454606/ 4687.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني