السؤال
أحب الفلوس كثيرا، آخذ من الناس: الأقرباء، والغرباء. ولا أسدد، وأماطل، وأعطي الحجج، وأتهرب من تسديد أموالهم، ولا ينفع معي أي شيء.
وحتى حينما أعطيهم، أعطيهم جزءا بسيطا حتى أتخلص من إلحاحهم.
ومن هؤلاء أبي، فقد مات أبي وهو يطالبني بأمواله، ولم أعطه إياها، وقد قال لي: أنت مشغول الذمة، ولا أسامحك.
أنا الآن نادم. فكيف أبرئ ذمتي تجاه أبي المتوفى؟
وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله -تعالى- أن يتوب عليك، ويغفر ذنبك، ويعينك على قضاء حق من له حق عليك.
واعلم أن المسألة لا تقتصر على حق أبيك المتوفى -رحمه الله تعالى-، وإنما تعم كل من له عليك حق. وإبراء ذمتك من ذلك تكون برد الحقوق إلى أصحابها، والتوبة النصوح من تضييعها، ومن أكلها بالباطل، ومطلِ أصحابها بغير عذر.
ومن مات منهم فَرُدَّ حقه إلى ورثته. فإن تعذر ذلك؛ لعدم معرفتهم، أو عدم القدرة على الوصول إليهم؛ فتصدق بالحق عن صاحبه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: كل مال لا يعرف مالكه من الغصوب والعواري والودائع، وما أخذ من الحرامية من أموال الناس، أو ما هو منبوذ من أموال الناس؛ فإن هذا كله يتصدق به، ويصرف في مصالح المسلمين. اهـ.
وقال الغزالي في كتاب (منهاج العابدين) في بيان كيفية التوبة من الذنوب التي بين العبد وبين الناس، إذا كانت في المال: يجب أن ترده عليه، إن أمكنك، فإن عجزت عن ذلك؛ لعدم أو فقر، فتستحل منه. وإن عجزت عن ذلك لغيبة الرجل أو موته، وأمكن التصدق عنه، فافعل، فإن لم يمكن، فعليك بتكثير حسناتك، والرجوع إلى الله -تعالى- بالتضرع، والابتهال إليه أن يرضيه عنك يوم القيامة. اهـ.
وراجع الفتوى: 259096. وانظر للفائدة، الفتوى: 108233.
والله أعلم.