السؤال
تزوجت فتاة كانت مطلقة، وبعد زواجنا بشهر ونصف، سألتني عن موضوع الخلع، فأرسلت لها فيديو يقول إن الخلع يجوز، وعدته حيضة واحده، ولكنني بصراحة لا أريد أن أخالعها، أو أطلقها، وبعد فترة سافرت إلى الخارج عند أهلها، واتصلت بطليقها السابق، وقالت له أريد أن أراك، فرفض، وقال لها لا أريد أن أراكِ، فاتصلت بي وقالت لي أنا معك إلى آخر العمر، وبعد ذلك فهم طليقها السابق أنها كانت تريد العودة إليه، فاتصل بها، فاتصلت بي، وغيرت موقفها مجدداً، وقالت هو قادم ليردني، فصدمت، وبعد ذلك جلست معه، وتكلمت في رجوعها له، ثم بعد ذلك كلمتني، وسألتني الخلع! وقالت لي: خالعتك مقابل أن تدفع لي فاتورة! وأعرف أن الصيغة كلها خاطئة، فأجبتها بأنني موافق، وتركتها يومين، لتهدأ.. فاتصلت بي، وسألتني، أنت متأكد أنه صحيح، فأجبتها بغضب نعم، وفي اليوم التالي اتصلت بها وقلت لها إن كل هذا خطأ، وأنا أريدها، ولا أفكر أصلا في الطلاق، أو الخلع، فرفضت، وقالت لا، هذا صحيح، وأنت قلت لي ذلك، وفاجأتني بقولها إن الدورة الشهرية قد أتتها في نفس اليوم الذي تكلمت فيه عن الخلع، فانتظرت أسبوعا، وكتبت كتابها على طليقها السابق، رغم أننا كنا قد تعاشرنا قبل حوالي عشرة أيام من كل ذلك، فهل ما زالت زوجتي، وهذا الخلع كله باطل، وغير صحيح؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمثل هذه المسائل التي فيها نزاع، ومناكرات بين الزوجين؛ لا تنفع فيها الفتوى عن بعد؛ ولكن الذي يفصل فيها هو القضاء الشرعي، أو ما يقوم مقامه عند فقده كالمراكز الإسلامية في بلاد الغرب، لكن الذي بوسعنا أن نبينه لك من حيث الحكم الشرعي عموما: ما يلي:
1- الأصل أنّ الإيجاب في الخلع يكون من الزوج، والقبول يكون من الزوجة، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية في الكلام على أركان الخلع: اتفق الفقهاء على أنه يشترط في الموجب، أن يكون ممن يملك التطليق. انتهى.
2- فإذا صدر الإيجاب من الزوجة، ورد الزوج بالقبول؛ لم يصح الخلع عند كثير من أهل العلم، جاء في البيان في مذهب الإمام الشافعي للعمراني: فإن قالت الزوجة: خالعتك بألف، فقال الزوج: قبلت.. لم يصح، ولم يقع بذلك فرقة؛ لأن الإيقاع إليه دونها، وقوله: قبلت، ليس بإيقاع. انتهى..
وقال البهوتي -رحمه الله- في كشاف القناع: وَتَعْتَبِرُ الصِّيغَةُ مِنْهُمَا، أَيْ: الْمُتَخَالِعَيْنِ في ذَلِكَ كُلِّهِ، أَيْ: جَمِيعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ صُوَرِ الْخُلْعِ، فَيَقُولُ: خَلَعْتُكِ، أَوْ فَسَخْتُ نِكَاحَكِ عَلَى كَذَا، أَوْ فَادَيْتُكِ عَلَى كَذَا، فَتَقُولُ هِيَ: قَبِلْتُ، أَوْ رَضِيتُ، وَنَحْوِهِ. انتهى.
3- الأصل في الخلع أن يكون على عوض تدفعه الزوجة لزوجها، فإن كان على غير عوض؛ ففي صحته خلاف، والجمهور على عدم صحته، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: فعلى هذه الرواية، لا يصح الخلع إلا بعوض، فإن تلفظ به بغير عوض، ونوى الطلاق، كان طلاقا رجعيا؛ لأنه يصلح كناية عن الطلاق، وإن لم ينو به الطلاق، لم يكن شيئا، وهذا قول أبي حنيفة، والشافعي. انتهى.
4- عدة المختلعة عند الجمهور كعدة المطلقة، ثلاث حيضات، وعند بعض أهل العلم تعتد بحيضة واحدة، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وأكثر أهل العلم يقولون: عدة المختلعة عدة المطلقة؛ منهم سعيد بن المسيب، وسالم بن عبد الله، وعروة، وسليمان بن يسار، وعمر بن عبد العزيز، والحسن، والشعبي، والنخعي، والزهري، وقتادة، وخلاس بن عمرو، وأبو عياض، ومالك، والليث، والأوزاعي، والشافعي، وروي عن عثمان بن عفان، وابن عمر، وابن عباس، وأبان بن عثمان، وإسحاق، وابن المنذر، أن عدة المختلعة حيضة، ورواه ابن القاسم عن أحمد. انتهى.
5- الحيضة التي يقع فيها الطلاق، أو الخلع لا تحتسب من العدة، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: الفصل الثالث: أن الحيضة التي تطلق فيها، لا تحسب من عدتها، بغير خلاف بين أهل العلم. انتهى.
ونصيحتنا لك أن تعرض المسألة على المحكمة الشرعية إن وجدت، وإلا فعلى أهل العلم المشهود لهم بالفقه، والديانة في المركز الإسلامي.
والله أعلم.