السؤال
عندي قناة على وسائل التواصل تحتوي على 30 ألف مشترك، ومحتواها نشر القرآن الكريم. كما أن لدي قناة أخرى أنشر فيها أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم. بخصوص القناة الأولى التي أنشر فيها القرآن، سمعت مؤخراً أن القرآن لا يجوز نشره إلا بالرسم العثماني. لا أعرف إذا كان هذا يتضمن أيضاً نشر التلاوات، وهل يجب أن تكون الآيات التي على التلاوات بالرسم العثماني أم لا؟
فهل يجوز أن أنشر القرآن بأي خط شئت، بشرط ألا يخل الخط بأي شيء في تشكيل الآيات، لأن تلك التلاوات تكون لبضع ثوانٍ أو دقائق، وليست بمصحف كامل؟
وبالنسبة للحساب الثاني الذي أنشر فيه أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، أود أن أسأل عن الأجر والثواب لهذا العمل، هل هو كبير؟
وجزاكم الله خيراً
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن تكتب الآيات بالرسم العثماني، قال السيوطي في الإتقان: قال أشهب: سئل مالك: هل يكتب المصحف على ما أحدثه الناس من الهجاء؟ فقال: لا؛ إلا على الكتبة الأولى. رواه الداني في المقنع، ثم قال: ولا مخالف له من علماء الأمة، وقال في موضع آخر: سئل مالك عن الحروف في القرآن الواو والألف، أترى أن يُغيَّر من المصحف إذا وجد فيه كذلك؟ قال: لا.... ، وقال الإمام أحمد: يحرم مخالفة مصحف الإمام في واو أو ياء أو ألف أو غير ذلك. وقال البيهقي في شعب الإيمان: من كتب مصحفا فينبغي أن يحافظ على الهجاء الذي كتبوا به هذه المصاحف، ولا يخالفهم فيه، ولا يغير مما كتبوه شيئا، فإنهم كانوا أكثر علما، وأصدق قلبا ولسانا، وأعظم أمانة منا، فلا ينبغي أن يظن بأنفسنا استدراكا عليهم. انتهى.
ومن العلماء من سهل في كتابة القرآن بغير الرسم العثماني خاصة إذا كان لحاجة، قال الشيخ ابن عثيمين: العلماء -رحمهم الله- اختلفوا هل يجوز أن ترسم الآيات على غير الرسم العثماني أو لا يجوز؟ اختلفوا في ذلك على ثلاثة أقوال: منهم من قال: يجوز مطلقاً أن ترسم على القاعدة المعروفة في كل زمان ومكان بحسبه، ما دامت بالحروف العربية. ومنهم من يقول: إنه لا يجوز مطلقاً، بل الواجب أن ترسم الآيات القرآنية بالرسم العثماني فقط. ومنهم من يقول: إنه يجوز أن ترسم بالقاعدة المعروفة في كل زمان ومكان بحسبه للصبيان؛ لتمرينهم على أن ينطقوا بالقرآن على الوجه السليم. انتهى.
والذي نرى أن تحرص على كتابة الآيات على وفق الرسم العثماني ولو بنقل صورة للآية المراد نشر تلاوتها، فإن تعذر ذلك واحتجت لكتابة الآيات بالرسم العادي ولم يكن في ذلك مظنة تحريف فيسعك تقليد من يجيز ذلك للحاجة.
وأما الموقع الذي تنشر فيه الأحاديث النبوية وما أجر نشرها؟ فإن نشر أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم فيه أجر عظيم، فقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم لمن بلغ أحاديثه للناس؛ كما في حديث أنس بن مالك، قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نضَّر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها، ثم بلغها عني، فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه. رواه ابن ماجه، وهو في مسند أحمد وغيره.
ومن الأجر الحاصل في نشرها أجر الدلالة على الخير، وأجر من عمل بما فيها من تشريعات، ففي الحديث: من دل على خير، فله مثل أجر فاعله. أخرجه مسلم.
فإذا قرأ مسلم حديثا في موقعك وتعلمه وعمل به كان له من الأجر مثل أجره في العلم والعمل، فاستمر على ما أنت عليه من الخير، ولكن يجب أن تحذر فلا تنشر الأحاديث المكذوبة والموضوعة، وأن تتحرى نشر الأحاديث التي بيَّن أهل العلم ثبوت نسبتها للنبي صلى الله عليه وسلم، ففي حديث ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اتقوا الحديث عني إلا ما علمتم، فإنه من كذب علي متعمدا، فليتبوأ مقعده من النار. رواه أحمد والترمذي.
والله أعلم.