السؤال
والدي مسلم، ومتزوّج من سيدة مسلمة في الخارج، وهذه السيدة عملت حجرًا قانونيًّا على والدي المسنّ، وأثبتت أنه خرّف، ونقلت ملكية جزء من ممتلكاته -بين 25-50%- لنفسها، واستولت على نصف معاشه، رغم أنها تعيش معه في نفس المنزل؛ طبقًا للقانون، دون اكتراث بالشريعة الإسلامية، التي تنصّ على أن الشخص غير العاقل لا تؤخذ ممتلكاته إلا بعد وفاته، وطبقًا لقانون المواريث، فما حكم الإسلام في هذا الفعل؟ وما الآيات والأحاديث الحاكمة لهذا الوضع؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز التصرّف في المال بغير إذن صاحبه، وإلا كان أكلًا للمال بالباطل، وقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ {النساء: 29}، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته في حجة الوداع في أيام التشريق: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، إلى يوم تلقونه... ألا لا تظلموا، ألا لا تظلموا، ألا لا تظلموا؛ إنه لا يحلّ مال امرئ إلا بطِيب نفس منه. رواه أحمد، وحسنه الألباني.
فإن أصاب صاحبَ المال عارضٌ يحول بينه وبين التصرّف الصحيح في ماله، ويُسوِّغ الحجر عليه؛ فلا يسري عليه حكم الحجر إلا بحكم الحاكم، أو القاضي الشرعيّ.
وفي حال حكم القاضي بالحجر؛ فإنه ينصب على أموال المحجور عليه قيّمًا، ويلزم هذا القيّم حفظ مال المحجور عليه من التلف، والضياع، ونحو ذلك، كما يلزمه تنميته، وقيل: يستحبّ له، كما سبق بيانه في الفتوى: 54950.
ولا بدّ من مراعاة القيّم لهذا الغرض من تنصيبه، وهو الحفاظ على المال من سوء تصرف المحجور عليه، أو غيره، جاء في الموسوعة الفقهية: قرّر الشارع الحجر على من يصاب بخلل في عقله -كجنون، وعته-؛ حتى تكون الأموال مصونة من الأيدي التي تسلب أموال الناس بالباطل، والغش، والتدليس، وتكون مصونة أيضًا من سوء تصرّف المالك. اهـ.
ولذلك لا يشرع للقيّم التصرّف في مال المحجور عليه إلا بما يعود على المحجور بالمنفعة، جاء في الموسوعة: لا خلاف بين الفقهاء في أنه لا يجوز للوليّ أن يتصرّف في مال المحجور إلا على النظر والاحتياط، وبما فيه حظّ له واغتباط؛ لحديث: "لا ضرر ولا ضرار".
وقد فرّعوا على ذلك: أن ما لا حظّ للمحجور فيه -كالهبة بغير العوض، والوصية، والصدقة، والعتق، والمحاباة في المعاوضة- لا يملكه الوليّ، ويلزمه ضمان ما تبرّع به -من هبة، أو صدقة، أو عتق، أو حابى به، أو ما زاد في النفقة على المعروف، أو دفعه لغير أمين-؛ لأنه إزالة ملكه من غير عِوَض؛ فكان ضررًا محضًا. اهـ.
والله أعلم.