الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ترك الزوجة العمل بعد الوعد بين الإخلاف وعدمه

السؤال

أنا شابّة عمري ٢٧ سنة، مررت بتجربة خطبة (كتب كتاب) ثم حصل انفصال. لديّ رغبة في الزواج، لكنني أواجه مشكلة متكررة مع كل من يتقدّم لي (حتى مع خطيبي السابق). الجميع يراني امرأة مسؤولة؛ درست الهندسة في أوروبا، وأعمل مهندسة في أحد المصانع الكبرى، وأتقن عدة لغات. حالتي المادية ميسورة، وإن كان لا يبقى لي الكثير بعد المصاريف، لكنني لست محرومة بفضل الله.
المشكلة أن أغلب من يتقدّم لي يعملون بوظائف بسيطة، ويُظهرون رغبتهم في زواجي لأني أعمل، ويرون في ذلك تخفيفًا للأعباء عنهم، خصوصًا في الغربة. هذا الأمر يزعجني، إذ أؤدي حاليًا دور الرجل والمرأة معًا، وأرغب بعد الزواج في التفرغ لتربية الأبناء، لا العمل خارج المنزل. والأعجب أن أغلبهم ملتزمون دينيًا، ويشدّدون على تفاصيل مثل العطر والتبرّج، لكن لا يرون مانعًا من عملي واختلاطي!
سؤالي: هل يعد كذبًا أو إثمًا إن أوهمت من يتقدّم لي أنني موافقة على العمل بعد الزواج، ثم تركت العمل لاحقًا للتفرغ للأسرة، دون أن ألتزم بما وعدت به؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا وعدتِ الخاطب بالبقاء في العمل والمساهمة معه في نفقات البيت، وكنت عازمة على ترك ذلك؛ فهذا كذب غير جائز، أمّا إذا وعدتِ وفي نيتك الوفاء بالوعد، ثم بدا لك بعد ذلك ترك العمل للتفرغ لتربية الأولاد؛ فهذا جائز.

قال ابن رجب الحنبلي -رحمه الله- في جامع العلوم والحكم: إذا وعد أخلف، وهو على نوعين: أحدهما: أن يَعِد ومن نيته أن لا يفي بوعده، وهذا أشر الخلف، ولو قال: أفعل كذا إن شاء الله تعالى، ومن نيته أن لا يفعل، كان كذبًا وخلفًا، قاله الأوزاعي.
الثاني: أن يَعِد، ومن نيته أن يفي، ثم يبدو له فيخلف من غير عذر له في الخلف.
انتهى.

وقال العيني -رحمه الله- في عمدة القاري شرح صحيح البخاري: وبقوله: (إذا وعد أخلف) نبه على فساد النية؛ لأن خلف الوعد لا يقدح، إلا إذا عزم عليه مقارنًا بوعده، أما إذا كان عازماً ثم عرض له مانع، أو بدا له رأي؛ فهذا لم توجد فيه صفة النفاق. انتهى.

ونصيحتنا لكِ؛ أن تكوني صادقة واضحة مع من يتقدم لزواجكِ، وتصارحيه برغبتكِ في ترك العمل خارج البيت بعد الزواج؛ فهذا أقطع للنزاع، وأبعد عن الشقاق، وأدعى للوفاق.

واجتهدي في دعاء الله تعالى أن يرزقكِ الزوج الصالح، الذي تقرّ به عينكِ، ويكفيكِ مؤنة الكسب، ويكون عونًا لكِ على طاعة الله، وأحسني ظنّكِ بربكِ، فهو قريب مجيب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني