السؤال
لي صديق طلب مني أن أستفتي له في مسألته، وهي كالتالي: سافر من فرنسا نحو بلده الأصلي لقضاء عطلة ومعه سيارته، وعندما رأى أحد أصدقائه السيارة طلب منه أن يبيعها له، ولكن القانون يمنع ذلك. فلجأ إلى الاختيار بين أحد الحلين.
الحل الأول: هو أن يبيعها له، وعلى صديقه المشترى أن يدفع مبلغًا ماليًا لأحد موظفي الجمارك، حتى ينزع تسجيل السيارة من جواز سفر البائع، وكذلك أن يدفع مبلغًا ماليًا آخر لأحد موظفي الإدارة، حتى يسوي وضعية وثائق السيارة.
والحل الثاني: هو أن يبيع له السيارة خارج حدود الوطن، وهنا على المشتري أن يدفع مبلغًا ماليًا لأحد موظفي جمارك الحدود؛ ليسمح له بدخول السيارة إلى أرض الوطن، فكل ما يكون من الرشوة هي من المشتري، والبائع لا يساهم في دفع المبالغ المالية للموظفين.
والسؤال: هل يترتب على البائع مخالفة شرعية في ذلك؟
وجزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأصل في الرشوة أنها حرام، لما في الحديث عن عبد الله بن عمرو قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي. رواه أحمد.
لكن إذا اضطر المرء لدفع الرشوة مقابل تحصيل حقه الذي قد يضيع، أو لدفع الضرر عن نفسه، جاز له ذلك، والإثم على الآخذ لا على المعطي، وليعلم أنه لا يجوز للدولة منع الناس من البيع والشراء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض. رواه مسلم.
وبناء على ذلك؛ فلا مانع من بيع السيارة بأي وجه من الوجهين المذكورين ودفع مال مقابل السماح بدخولها إلى بلد المشتري أو تصحيح وضعها وذلك في الصورتين المذكورتين في السؤال إذا لم يمكن تصحيح وضعها إلا بذلك، لكن ننبه إلى أنه يحرم مثل هذا الفعل إذا غلب على الظن أنه يؤدي إلى تعريض النفس للأذى والضرر وتعريض المال للهلاك والضياع، فقد قال صلى الله عليه وسلم: لا ينبغي لمسلم أن يذل نفسه، قيل: وكيف يذل نفسه، قال: يتعرض من البلاء لما لا يطيق. رواه أحمد. وقال صلى الله عليه وسلم أيضًا: إن الله كره لكم ثلاثا: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال. متفق عليه.
وللفائدة، راجع الفتويين: 49381، 9001.
والله أعلم.