السؤال
ما حكم من يعمل في مكان عمل ثم يريد أن ينتقل إلى مكان عمل آخر و لكنه يرى أن ما يتقاضاه من عمله الأول لا يتناسب مع قيمته -أي الشخص- الحقيقية في سوق العمل , فيقوم بإخبار مكان عمله الجديد بأنه كان يتقاضى مبلغا أكبر من الذي كان يتقاضاه بالفعل في مكان عمله الأول حتى يأخذ منه ما يرى أنه قيمته في سوق العمل وهو يعتقد أن ذلك ليس كذبا لأنه يأخذ به حقه؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما قام به هذا الشخص من إخبار مكان العمل الجديد بأنه كان يتقاضى راتباً أكبر من الذي كان يتقاضاه حتى يأخذ راتباً أعلى منه -ما قام به هذا الشخص- فيه محذوران:
الأول: الوقوع في الكذب، وتحريم الكذب معلوم من الدين بالضرورة، ففي الحديث المتفق عليه: إن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً.
وفي صحيح مسلم: آية المنافق ثلاث وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان. والأدلة على تحريم الكذب أكثر من أن تذكر.
والمحذور الثاني: أن في كذب هذا الشخص -ليأخذ مرتباً أعلى- شبهة أخذ المال بغير حقه، إذ لو قال الحقيقة فإنهم قد لا يعطونه هذا الراتب.
والاعتذار بكونه يستحق راتباً أكثر من الراتب السابق لا يسوغ له الكذب، فإنه لم يرخص في شيء منه إلا في مواطن ثلاث: في الحرب، وإصلاح ذات البين، وحديث الرجل إلى امرأته، وحديث المرأة إلى زوجها، كما في زيادة مسلم في حديث أم كلثوم حيث روى عنها أنها قالت: ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقوله الناس إلا في ثلاث، تعني: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها. فما سوى هذه المواطن فإن الكذب فيها محرم إلا عند الضرورة الملجئة، فعلى هذا الشخص أن يقول الحقيقة أو يسكت، وليعلم أن الصدق منجاة، وأن من اتقى الله جعل له مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب.
والله أعلم.