السؤال
لقد قام إمام المسجد في قريتنا في خطبة الجمعة بتعزية النصارى في أنحاء العالم بوفاة البابا وقد قام بالثناء عليه وأن له مواقف مشّرفة تساند المسلمين وأنّ هذا الأمر من سياسة النبي محمد صلى الله عليه وسلم فهل فعل هذا الإمام صحيح وهل تجوز تعزية غير المسلمين وإذا جاز هذا الأمر فماذا نقول لهم وأسأل الله العظيم أن يجزي هذا الموقع والقائمين عليه لما ينشره في خدمة الإسلام والمسلمين
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 12254 حكم تعزية الكافر، وما هي الصيغة التي يعزى بها، وأنه لا يدعى للميت الكافر بالرحمة والمغفرة اتفاقا، لقوله تعالى: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ {التوبة: 113} وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: استأذنت ربي أن أستعفر لأمي فلم يأذن لي، واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي.
ولعدول النبي صلى الله عليه وسلم عن الدعاء بالرحمة للعاطسين من اليهود إلى الدعاء لهم بالهداية، والتعزية لا تكون على المنابر في الخطب وغيرها لعامة الناس، وإنما تكون لقريب الميت.
وأما تشييع جنازة الكافر فلا يجوز، وقيل يكره، إلا إذا كان قريبا فيجوز، وألحق بعضهم الزوجة والجار والمملوك والمولى بالقريب.
قال شمس الدين الرملي في نهاية المحتاج: ولا بأس باتباع المسلم جنازة قريبه الكافر، لما رواه أبو داود عن علي أنه قال: لما مات أبو طالب أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له: إن عمك الشيخ الضال قد مات، قال: انطلق فواره. ولا يبعد كما قاله الأذرعي إلحاق الزوجة والمملوك بالقريب، ويلحق به أيضا المولى والجار كما في العيادة فيما يظهر، وأفهم كلامه تحريم تشييع المسلم جنازة الكافر غير نحو القريب، وبه صرح الشاشي كابتداء السلام، لكن قضية إلحاق الزوجة ونحوها به الكراهة فقط، وما نازع به الإسنوي في الاستدلال بخبر علي في مطلق القرابة، لوجوب ذلك على ولده علي كما كان يجب عليه مؤونته حال حياته يمكن رده بأن الإذن له على الإطلاق دليل الجواز؛ إذ كان متمكنا من استخلاف غيره عليه من أهل ملته.
والله أعلم.