السؤال
ما حكم طاعة الزوج في نهيه لزوجته عن مشاهدة البرامج الدينية في التليفزيون، وغضبه منها وإثارة المشاكل بهذا السبب متعللاً فى ذلك بأن الذي يقولونه معروف وإذا أردت أن تسألي عن شيء تسأله هو بالرغم أنه لا يفقه الكثير عن الدين ويكتفي بقراءة الكتب الدينية والتفاسير ولكنه لا يفهمها ويغلط فيها أي أنه يفهم بطريقة خاطئة، فأنا لا أسأله وآخذ معلوماتي من العلماء الأفاضل ضيوف البرامج سواء كانت المصرية أو القنوات السعودية وهذا يسبب لي مشاكل ولا أعرف هل أطيعه، وفي هذه الحالة تصبح نفسيتي تعبانة لأن الدين مسألة روحية أستمدها من الحديث عن الدين فتشعرني بالإيمان والقوة وعندما أطيعه يحدث لي نوع من الاكتئاب الذي ينعكس على البيت كله وتحدثت معه بهذا الخصوص، ولكنه غير مقتنع بذلك حتى أنه عندما يراني أجلس على الكمبيوتر لأستعلم عن مواقع دينية لا يعجبه، مع العلم بأنني حاصلة على مؤهل عال وتركت العمل سنوات طويلة للتفرغ للأولاد ولا أختلط بالجيران طبقا لتعليماته ولا أخرج إلا للضرورة لشراء بعض الاحتياجات لا أزور أهلي إلا فى المناسبات، وهو يعمل ويزور أهله أسبوعيا ويتحدث معهم يوميا، إنه يضغط علي في طاعته لدرجة أنني أخاف على نفسي الانهيار العصبى وأخاف على أولادي من كثرة الخلافات، وهو أيضا يغضب مني عندما يجد الأبناء يلتفون حولي وأعرف عنهم كل شيء وهو لا يعرف، وكثيرا أقول له صاحبهم ولكنه لا يريد ولا يفهمهم، توجد فجوة كبيرة بيني وبينه في التفكير فهو يحس أنني أحسن منه ويغار، ماذا أفعل إنني فى الهاوية محطمة، مع العلم بأنني متدينة وأعرف ربي وأصلي وعلاقاتي طيبة جدا مع الناس وأطبق الدين مع أولادي، ولكنه يريد أن يحطمني بدعوة طاعة الزوج، أريد منكم ما يريح قلبي؟ وشكرا، وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمثلك لا يجهل ما للزوج من حق على زوجته، وما أوجبه الله سبحانه على الزوجة من طاعة زوجها، ومعلوم لديك أن الطاعة إنما تكون في المعروف، ولا طاعة في معصية، أما نهيه عن مشاهدة البرامج الدينية في التلفاز وغضبه من تصفح المواقع الدينية على شبكة الإنترنت، بالرغم مما في هذه البرامج من العلم النافع وحاجتك لسماع مثل تلك البرامج فنقول:
إن كانت المشاهدة والسماع والقراءة لهذه البرامج والمواقع تتعارض مع حق الزوج، فيجب على الزوجة طاعته وتقديم حقه لأن حقه واجب وسماع هذه البرامج ليس واجباً، وأما إن كانت المشاهدة والقراءة والسماع لا تتعارض مع حق الزوج ولا يترتب عليها تقصير في شأنه فلا يجب طاعته.
قال الإمام الرملي الشافعي في نهاية المحتاج: (ويمنعها) إن شاء (صوم) أو نحو صلاة أو اعتكاف (نفل) ابتداء وانتهاء ولو قبل الغروب لأن حقه مقدم عليه لوجوبه عليها، وإن لم يرد التمتع بها على الأوجه، لأنه قد يطرأ له إرادته فيجدها صائمة فيتضرر (فإن أبت) وصامت، أو أتمت غير نحو عرفة وعاشوراء، أو صلت غير راتبة (فناشزة في الأظهر) فتسقط جميع مؤن ما صامته لامتناعها من التمكين الواجب عليها، ولا نظر إلى تمكنه من وطئها، ولو مع الصوم، لأنه قد يهاب إفساد العبادة فيتضرر، ومن ثم حرم صومها نفلا أو فرضا موسعا وهو حاضر من غير إذنه، أو علم رضاه، وظاهر امتناعه مطلقاً إن أضرها، أو ولدها الذي ترضعه، وأخذ أبو زرعة من هذا التعليل أنها لو اشتغلت في بيته بعمل، ولم يمنعه الحياء من تبطيلها عنه كخياطة بقيت نفقتها، وإن أمرها بتركه فامتنعت إذ لا مانع من تمتعه بها أي وقت أراد بخلاف نحو تعليم صغار، لأنه يستحي عادة من أخذها من بينهن، وقضاء وطره منها فإذا لم تنته بنهيه فهي ناشزة، أما نحو عرفة وعاشوراء فلها فعلهما بغير إذنه كرواتب الصلاة بخلاف نحو الإثنين والخميس وبه يخص الخبر الحسن: لا تصوم المرأة يوما سوى شهر رمضان وزوجها شاهد إلا بإذنه. انتهى كلامه.
فتبين من النقل السابق أن ما كان من عمل مشروع تقوم به المرأة وليس فيه مانع من تمتع الزوج بها فليس له منعها منه ولا تعد ناشزة أو عاصية إذا لم تطعه، ولا يفوتنا أن نوجه الأخت إلى الآتي:
أن تتجنب ما يغضب الزوج قدر الإمكان.
أن لا تعامله معاملة الند بل كما قالت المرأة العاقلة لابنتها كوني له أمة يكن لك عبداً.
أن لا تظهر أمامه علمها وفهمها وأفضليتها عليه إذا كان ذلك يغضبه ويثير غيرته وحنقه.
والله أعلم.