السؤال
عملت في منزل والدي رحمه الله بعض الإصلاحات على أمل أن أستفيد من هذه الإصلاحات في عمل تجاري ثم لم يسعفني الوقت والمال الذي أملكه في أن أستمر
هل يجوز لي أن استرد المال الذي دفعته من مالي الخاص في هذه الإصلاحات من دخل الورثة أو جزء منه؟
عملت في منزل والدي رحمه الله بعض الإصلاحات على أمل أن أستفيد من هذه الإصلاحات في عمل تجاري ثم لم يسعفني الوقت والمال الذي أملكه في أن أستمر
هل يجوز لي أن استرد المال الذي دفعته من مالي الخاص في هذه الإصلاحات من دخل الورثة أو جزء منه؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما قمت به من إصلاحات في منزل والدك له حالات:
الحالة الأولى:
أن تكون قد اتفقت مع والدك - إذا كان ذلك في حياته - أو مع الورثة -إذا كان ذلك بعد وفاته - على أن هذه الإصلاحات هي مقابل الاستفادة من ذلك في عمل تجاري، ففي هذه الحالة من حقك أن تستفيد من البيت بحسب الاتفاق، لكن يشترط لذلك أن تحدد المدة التي ستستفيد خلالها، وأن يحدد المبلغ الذي ستنفقه في الإصلاحات، لأن العقد هو عقد إجارة، ويشترط فيه العلم بالأجرة والعلم بالمدة.
وإذا عجزت عن إتمام الإصلاحات لقلة الإمكانيات فالأمر بعد ذلك راجع إلى اتفاقك مع الوالد أو الورثة على كيفية الخروج من العقد السابق، لكن عند المشاحة أنت ملزم بإتمام العقد.
والحالة الثانية :
أن تكون قد اتفقت مع الوالد أو الورثة على أن ذلك منك على سبيل الهبة وأنك ستستفيد من ذلك بناء على السماحة الموجودة بين الأطراف، وفي هذه الحالة ليس لك الحق في أن تأخذ مقابل هذه الإصلاحات ولا أن تستفيد منها إلا برضا من له الحق.
والحالة الثالثة:
ألا يكون هناك اتفاق على شيء لا على أن ذلك هبة ولا على أنه مقابل شيء ، ففي هذه الحالة تعد متبرعا بذلك وليس لك أن تأخذ من الورثة شيئا إلا برضاهم.
هذا ما لم يكن قد عرف عنك انتصابك لفعل مثل ذلك بالأجرة، فإن كان قد عرف عنك انتصابك لفعل مثل ذلك بالأجرة، فمذهب الجمهور أن لك أجرة المثل ومذهب الشافعية أنك متبرع ولا شيء لك.
قال ابن القيم في إعلام الموقعين :
لو دفع ثوبه إلى من يعرف أنه يغسل أو يخيط بالأجرة، أو عجينه لمن يخبزه، أو لحما لمن يطبخه، أو حبا لمن يطحنه، أو متاعا لمن يحمله، ونحو ذلك ممن نصب نفسه للأجرة على ذلك وجب له أجرة مثله, وإن لم يشترط معه ذلك لفظا عند جمهور أهل العلم حتى عند المنكرين لذلك، فإنهم ينكرونه بألسنتهم ولا يمكنهم العمل إلا به.انتهى.
وفي الفتاوى الهندية، وهو من كتب الحنفية:
وإن استأجر ليعمل له كذا ولم يذكر الأجر، أو استأجر على دم أو ميتة لزم أجر المثل بالغا ما بلغ.انتهى.
وفي حاشية الدسوقي، وهو من كتب المالكية: من فروع المسألة ما يقع كثيرا: يخدم الشخص عند آخر والآخر يطعمه، فيرجع عليه بأجرة مثله، ويرجع الآخر عليه بما أنفقه عليه.انتهى.
وفي المغني لابن قدامة الحنبلي:
إذا دفع ثوبه إلى خياط أو قصار, ليخيطه أو يقصره, من غير عقد ولا شرط, ولا تعويض بأجر, مثل أن يقول: خذ هذا فاعمله, وأنا أعلم أنك إنما تعمل بأجر. وكان الخياط والقصار منتصبين لذلك, ففعلا ذلك فلهما الأجر. وقال أصحاب الشافعي: لا أجر لهما; لأنهما فعلا ذلك من غير عوض جعل لهما, فأشبه ما لو تبرعا بعمله. ولنا أن العرف الجاري بذلك يقوم مقام القول, فصار كنقد البلد, وكما لو دخل حماما, أو جلس في سفينة مع ملاح, ولأن شاهد الحال يقتضيه, فصار كالتعويض. فأما إن لم يكونا منتصبين لذلك, لم يستحقا أجرا إلا بعقد أو شرط العوض, أو تعويض به; لأنه لم يجر عرف يقوم مقام العقد, فصار كما لو تبرع به, أو عمله بغير إذن مالكه.انتهى.
وفي نهاية المحتاج للرملي الشافعي:
( ولو ) عمل لغيره عملا بإذنه كأن ( دفع ثوبا إلى قصار ليقصره أو ) إلى ( خياط ليخيطه ففعل ولم يذكر ) أحدهما ( أجرة ) ولا ما يفهمها ( فلا أجرة له ) لتبرعه...( وقيل له ) أجرة مثله لاستهلاكه منفعته ( وقيل إن كان معروفا بذلك العمل ) بالأجرة ( فله ) أجرة مثله ( وإلا فلا, وقد يستحسن ) ترجيحه لوضوح مدركه, إذ هو العرف وهو يقوم مقام اللفظ كثيرا, ونقل عن الأكثرين والمعتمد الأول, فإن ذكر أجرة استحقها قطعا إن صح العقد وإلا فأجرة المثل, وأما إذا عرض بها كأرضيك أو لا أخيبك أو ترى ما تحبه, أو يسرك أو أطعمك فتجب أجرة المثل. انتهى.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني