الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى أن يثيبك على هذه النية الطيبة، وأن يجعل ذلك الابن قرة عين لك، وأن يعيذه وذريته من الشيطان الرجيم، كما أعاذ مريم بنت عمران إنه سميع مجيب.
وأما ما سألت عنه من الأدعية والأذكار التي تحفظه إن شاء الله، فنقول إن من أهم أسباب الحفظ والوقاية ما يلي:
1- التوكل على الله والاحتساب، فهو أعظم ما تدفع به الآفات وأنفع ما تحصل به المطالب، فمن توكل على الله كفاه أمره كله. قال تعالى: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ {الطلاق: 3}
2- امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه، فمن حفظ الله في أمره ونهيه حفظه الله في دينه ودنياه وأهله وماله، كما في الحديث الصحيح: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله. أخرجه الترمذي وصححه الألباني رحمه الله.
3- كثرة ذكر الله من تلاوة القرآن والتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا من أنفع ما يحفظ به العبد نفسه وأهله وولده. فقد روى الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله عز وجل أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات: أن يعمل بها ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها، فذكر منها: وأمركم أن تذكروا الله تعالى، فإن مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو في أثره سراعا حتى إذا أتى على حصن حصين فأحرزه نفسه منهم، كذلك العبد لا يحرز نفسه وولده من الشيطان إلا بذكر الله. وصححه الشيخ الألباني. ومن الأسباب كذلك تلاوة القرآن، ولاسيما سورة البقرة، فإن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة.
ومن الأذكار التي تنبغي المداومة عليها لحفظ النفس والولد قراءة آية الكرسي عند النوم، ففي الحديث الصحيح أن من قرأها لا يزال عليه من الله حافظ.
وكذلك قراءة خواتيم سورة البقرة، فمن قرأها في ليلة كفتاه. متفق عليه. وكذلك تعويذ الصبي كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين، فيقول: أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة. أخرجه البخاري في صحيحه.
ومن الأسباب أيضا حفظ الصبي من الحركة ساعة الغروب. فقد قال صلى الله عليه وسلم: إذا كان جنح الليل وأمسيتم فكفوا صبيانكم، فإن الشياطين تنتشر حينئذ، فإذا ذهب ساعة من الليل فخلوهم. متفق عليه.
ومن الأسباب التي تحفظ الإنسان وأهله وولده أن يطهر بيته من الصلبان والتماثيل المحرمة وصور ذوات الأرواح والكلاب. لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم قال: إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه تلك الأشياء. متفق عليه. بمعناه ولفظه كما عند مسلم: لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة. وعند البخاري: ولا تصاوير.
ومما يرجى بركته للولد أن يعلم العلم النافع إذا بلغ سن التعلم فيحفظ كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
قال ابن أبي زيد القيرواني في مقدمة رسالته: فينبغي أن يعلموا ما فرض الله على العباد من قول وعمل قبل بلوغهم ليأتي عليهم البلوغ وقد تمكن ذلك من قلوبهم، وسكنت إليه أنفسهم، وأنست بما يعملون به من ذلك جوارحهم.. ليسبق إلى قلوبهم فهم دين الله وشرائعه ما ترجى لهم بركته وتحمد لهم عاقبته. اهـ
هذا، ونوصيك باتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم فهي أصدق دليل على محبته وعلى محبة الله عز وجل كما قال: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ {آل عمرا: 31}
والتزمي ذلك حتى تلقي ربك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما سأله أحد الصحابة عن الساعة قال: ما أعددت لها؟ قال: لا شيء إلا أني أحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فقال: أنت مع من أحببت. قال: فما فرحنا بشيء فرحنا بقوله: أنت مع من أحببت. متفق عليه واللفظ للبخاري.
نسأل الله سبحانه وتعالى لنا ولك التوفيق والسداد، وأن يهب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين، وأن يجعلنا للمتقين إماما، إنه سميع مجيب.
والله أعلم.