السؤال
إذا ارتكبت جناية أصابت خطأ عين مسلم أو يده ثم ذهبت إليه واعترفت له بالخطأ مني وطلبت منه أن يسامحني على الضرر الذي أصابه وبالفعل سامحني، ولكني لم أذكر له أنه حسب الشرع يستحق مني دية أطراف، احتمال جهله بحقه الشرعي كما هو الغالب علينا الآن حتى أني لم أكن أعلم هذا الحكم إلا بعد البحث فى كتب الفقه، فهل يكفي عفوه عني مع جهله أنه يستحق الدية التي ربما طالب بجزء منها إن علم أنها حقه أم يجب علي أن أوضح له هذا الأمر؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الإجابة عن السؤال نود أولاً أن ننبهك إلى أن جنايات الخطأ إن كان الواجب فيها يبلغ ثلث الدية فأكثر فإنما تتحملها عاقلة الجاني، وإن كانت أقل من الثلث كانت على الجاني نفسه.
والجناية على العين واليد إن كانت قد أزالتهما أو عطلت منفعتهما ففي كل منهما نصف الدية، وإن لم تتعطل منفعتهما ولكن حصل فيها نقص، فإن في ذلك حكومة، قال ابن قدامة في المغني: أجمع أهل العلم على أن في العينين، إذا أصيبتا خطأ، الدية، وفي العين الواحدة نصفها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: وفي العينين الدية.
وقال: أجمع أهل العلم على وجوب الدية في اليدين، ووجوب نصفها في إحداهما.
وقال: وإن جني عليه فنقص ضوء عينيه، ففي ذلك حكومة.
وسواء كنت أنت المتحمل لأرش الجناية أو كانت العاقلة، فإن للمجني عليه الحق في أن يعفو ويترك ما وجب له، قال الله تعالى: وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ... {النساء:92}.
وأما الذي سألت عنه فالظاهر أن صاحب الحق يلزم إعلامه بحقه ليكون على بينة مما يطلب منه المسامحة فيه، ولتطيب نفسه به، وذلك لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. أخرجه الدارقطني وأحمد والبيهقي وغيرهم، وصححه الألباني.
ولا شك أن من عفا عن الجناية ولم يكن يعلم أن له حقا مالياً، لا يمكن وصفه بأنه قد طابت نفسه بترك ذلك الحق.
والله أعلم.