السؤال
ما حكم إزالة الشعر من الجسم في أيام الحيض والنفاس؟ وهل صحيح أن من تبقى 40 يوماً لا تزيل الشعر لا تقبل صلاتها وإذا كانت الفتاة بالغة لكن تمنعها أمها من أن تزيل الشعر الذي إزالته من سنن الفطرة بحجة أنه من العيب إزالته وإذا كانت الفتاة أدت فريضة الحج على هذا النحو فهل حجها وصلاتها صحيحة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا حرج على المرأة في إزالة الشعر حال الحيض والنفاس، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 15905.
وأما القول بأنه لا تصح صلاة من لم تزل الشعر الذي تعتبر إزالته من سنن الفطرة خلال أربعين يوماً، فقول باطل لا دليل عليه، وإن كان المطلوب إزالته عند الحاجة وعدم تركه أكثر من أربعين يوماً للرجل والمرأة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أرشد إلى ذلك كما بيناه في الفتوى رقم: 25937.
والحكمة من إزالة هذه الشعور هو حصول النظافة لأن بقاءها يتسبب في بقاء الأوساخ وانبعاث الروائح الكريهة وحصول الضرر، ولذلك فلا طاعة للوالدة في عدم إزالة هذا الشعر بحجة أنه من العيب، ولا يصح أن يقال في هذه الحالة إن إزالته سنة وطاعة الوالدة واجبة ومقدمة على فعل المندوب، لأن لوجوب طاعة الوالدين في غير المعصية قيدا وهو أن يكون لهما غرض صحيح من الأمر بترك المندوب أو المباح أو الأمر بمقارفة المكروه ولا ضرر على الولد فيما أمراه به، وقد نص على هذا طائفة من أهل العلم ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث قال: ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية وإن كانا فاسقين، وهو ظاهر إطلاق أحمد، وهذا فيما فيه منفعة لهما ولا ضرر، فإن شق عليه ولم يضره وجب وإلا فلا.
وقال العلامة ابن حجر الهيتمي رحمه الله:.... وحيث نشأ أمر الوالد أو نهيه عن مجرد الحمق لم يلتفت إليه أخذاً مما ذكره الأئمة في أمره لولده بطلاق زوجته، وكذا يقال في إرادة الولد لنحو الزهد ومنع الوالد له أن ذلك إن كان لمجرد شفقة الأبوة فهو حمق وغباوة فلا يلتفت له الولد في ذلك وأمره لولده بفعل مباح لا مشقة على الولد فيه يتعين على الولد امتثال أمره إن تأذى أذى ليس بالهين إن لم يمتثل أمره ومحله أيضاً حيث لم يقطع كل عاقل بأن ذلك من الأب مجرد حمق وقلة عقل لأني أقيد حل بعض المتأخرين للعقوق بأن يفعل مع والده ما يتأذى به إيذاء ليس بالهين بما إذا كان قد يعذر عرفاً بتأذيه به أما إذا كان تأذيه به لا يعذره أحد به لإطباقهم على أنه إنما نشأ عن سوء خلق وحده حمق وقلة عقل فلا أثر لذلك التأذي وإلا لوجب طلاق زوجته لو أمره به ولم يقولوا به، فإن قلت لو ناداه وهو في الصلاة اختلفوا في وجوب إجابته والأصح وجوبها في نفل إن تأذى التأذي المذكور وقضية هذا أنه حيث وجد ذلك التأذي ولو من طلبه للعلم أو زهده أو غير ذلك من القرب لزمه إجابته قلت هذه القضية مقيدة بما ذكرته إن شرط ذلك التأذي أن لا يصدر عن مجرد الحمق ونحوه كما تقرر ولقد شاهدت من بعض الآباء مع أبنائهم أموراً في غاية الحمق التي أوجبت لكل من سمعها أن يعذر الولد ويخطئ الوالد فلا يستبعد ذلك، وبهذا يعلم أنه لا يلزم الولد امتثال أمر والده بالتزام مذهبه، لأن ذاك حيث لا غرض فيه صحيح مجرد حمق ومع ذلك كله فليحترز الولد من مخالفة والده فلا يقدم عليها اغترارا بظواهر ما ذكرنا بل عليه التحري التام في ذلك، فتأمل ذلك فإنه مهم.
والله أعلم.