الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إيناس وحدة الأم ووحشتها.. أم الدراسة

السؤال

أرجو إجابتي على هذا السؤال مباشرة وعدم تحويلي إلى أسئلة متشابهة ولكم جزيل الشكر
سؤالي هو أنني أدرس بعيدة عن البلد الأم التي تعيش أمي لوحدها وهى الحمد لله بصحة جيدة ولا ينقصها إلا من يؤنس وحدتها فقلبي ينقطع من أجلها وأنا لا أستطيع فعل أي شيء فأنا أدرس مع أخواتي في بلد بعيد جدا فسؤالي هل أقطع دراستي التي هي لمدة 5 سنوات وأضيع مستقبلي الذي هو في علم الله وأعود لأمي لأؤنس وحدتها أو أكمل دراستي مع العلم كنت بقيت معها لمدة سنتين عند موت أبي رحمه الله ولكن تعرضت للمضايقات فالمجتمع لا يرحم خصوصا عندما تكون النساء لوحدهن دون رجل فلهذا اضطررت أن أكون مع أخواتي ولكن أمي؟ أفبهذا أكون قد قصرت في الواجب اتجاه أمي فأخواتي لا يعيرون أي اهتمام لذلك؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا لم تكن قد أذنت لك بالسفر مع أخواتك أو كانت محتاجة إلى وجودك معها فتجب عليك ملازمتها والبقاء إلى جنبها، كما بينا في الفتوى رقم: 19310.

وأما إذا كانت قد أذنت لك بالسفر مع أخواتك لمصلحتك أو لم تكن محتاجة إلى وجودك معها لرعايتها ولكن بحاجة إلى من يؤنس وحدتها فالأولى لك أن تكوني إلى جانبها وملازمتها لأن الجنة ثَمَّ، وهي مستقبلك الأخروي. وأما التعلل بالمضايقات لعدم وجود رجل فلا فرق في ذلك بين وجودك معها أو مع أخواتك، بل ربما ازداد ذلك أكثر مع أخواتك لاسيما في تلك البلاد التي يشيع فيها العهر والفجور، ثم إن الأسباب المعينة على الحد من تلك المضايقات وتجنبها تكون بالتزام المرأة بدينها وعفتها وسترها فيتقيها أصحاب الشر، إذ لا مطمع لهم فيها. وأما إذا رأوها سافرة متبرجة طمعوا فيها، وكذلك تحاشي الأماكن المختلطة والتي يكون بها ذلك. فالاصل أن لا تخرج المرأة من بيتها إلا لحاجة لا يمكن أن يقضيها غيرها عنها، فإذا احتاجت إلى الخروج خرجت عفيقة محتشمة بلباس الستر والحياء، لا تلبس ما يفتن ويغري بها ولا تنبعث منها رائحة الطيب، فإذا التزمت المرأة بذلك في خروجها وولوجها أمنت بإذن الله شرور الذئاب الشرسة المفترسة.

وأما المستقبل والشهادة فلا ينبغي التعلل به لأن الله سبحانه وتعالى قد ضمن للعبد رزقه ولن يأتيه من ذلك إلا ما كتب له، ومن كان حريصا على المستقبل المظنون الزائل فأولى أن يكون حريصا على المستقبل الأخروي المتيقن.

فننصحك أيتها الأخت الكريمة بملازمة أمك وإيناس وحدتها ووحشتها، قال الله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ {الطلاق: 2-3}

مع العلم أنه لا يلزمك الجلوس معها وترك الدراسة إذا لم يترتب على سفرك ودراستك محظور شرعي كضياعها أو سفرك بدون محرم أو تعرضك للاختلاط المحرم ونحوه.

نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يلهمك من أمرك رشدا، وأن يعينك على طاعته وعلى بر أمك، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني