السؤال
طبيب يعمل في مستشفى خاص يجد أن بعض المرضى يأخذون الدواء لبيعه في صيدليات أخرى وهو لا يستطيع منع ذلك، لأن المريض يتظاهر بالألم ويمكن يشتكي، لذلك وتحت ضغط الحاجة قرر مشاركة بعض هؤلاء المرضى بقسمة الدواء بينه وبينهم، علماً بأن هؤلاء المرضى محدود جداً، فما حكم المرضى والطبيب والدواء؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأصل هو حمل أمور الناس على الظاهر من حالهم ما لم يعلم أو تقوم قرائن قوية على خلاف ذلك، فإذا أخبر المريض الطبيب بأنه يتألم ويطلب لذلك دواء فلا يجوز أن يتهمه بالكذب دون بينة أو قرينة قوية، وقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات:12}، قال ابن كثير: يقول تعالى ناهيا عباده المؤمنين عن كثير من الظن وهو التهمة والتخون للأهل والأقارب والناس في غير محله... اهـ
ولكن إذا ثبت أن المريض يكذب أو قامت قرينة قوية على ذلك فلا يجوز للطبيب أن يصرف له دواء ما دامت المستشفى قد خصصت الدواء للمحتاجين له من المرضى، وإذا اشتكى هذا المريض للمستشفى فبإمكان الطبيب أن يوضح موقفه للمستشفى.
ولا يجوز له على كل حال أن يقاسم المرضى أدويتهم فإن ذلك من الغصب المحرم، قال الله تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ {البقرة:188}، قال الإمام البغوي: وأصل الباطل الشيء الذاهب، والأكل بالباطل أنواع؛ قد يكون بطريق الغصب والنهب.... وقد يكون بطريق الرشوة والخيانة.
فعلى هذا الطبيب أن يتقي الله تعالى ويتوب إليه، وينظر ما أخذه من هذا الدواء فليرد مثله إلى المستشفى - ولو بطريقة غير مباشرة - إن كان قد عاون غير محتاجين إليه على أخذه، أو يرد مثله إلى المرضى إذا كان قد أخذه منهم وهم محتاجون إليه, أو أخذه منهم دون بينة واضحة على كذبهم وعدم حاجتهم إلى الدواء.
والله أعلم.